للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما حديث أنس فلم يأت إلا من طريق أيوب السختياني عن أنس (١)، ولم يسمع أيوب من أنس (٢) عندهم شيئًا.

قال: وقد روي عن الحسن (٣) مرسلًا "أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبا بكر وعمر كانوا يسلمون تسليمة واحدة" (٤)، ذكره وكيع عن الربيع عنه، قال: "والعمل المشهور بالمدينة التسليمة الواحدة، وهو عمل قد توارثه أهل المدينة كابرًا عن كابر، ومثله يصح فيه الاحتجاج بالعمل في كل بلد؛ لأنه لا يخفى، لوقوعه في كل يوم مرارًا".

[[الكلام على عمل أهل المدينة]]

قلت: وهذا أصل قد نازعهم فيه الجمهور، وقالوا: عمل أهل المدينة كعمل غيرهم من أهل الأمصار، ولا فرق بين عملهم وعمل أهل الحجاز والعراق والشام (٥)، فمن كانت السنة معهم فهم أهل العمل المتبع، وإذا اختلف علماء


(١) رواه ابن أبي شيبة (١/ ٣٠١)، والبيهقي في "الخلافيات" (١/ ق ١١١/ أ) من طريق جرير بن حازم عن أيوب به. وسنده منقطع، كما سيأتي قريبًا. وجاء من طريق حميد عن أنس، ورجاله ثقات، ومضى بيان ذلك قريبًا.
(٢) قاله أبو حاتم في "المراسيل" (رقم ٣٩)، وأحمد، كما في "جامع التحصيل" (ص ١٧٦)، و"تحفة التحصيل" (ص ٣٥)، وقال ابن حبان في "الثقات" (٦/ ٥٣): "قيل إنه سمع من أنس، ولا يصح ذلك عندي". وانظر: "شرح علل الترمذي" (٢/ ٥٩٠) وفيه (٢/ ٧٠٢): "وقال الأثرم عن أحمد: جرير بن حازم يروي عن أيوب عجائب"، وهذه علّة أخرى للحديث.
(٣) في مطبوع "الاستذكار": "الحسين"، وهو خطأ.
(٤) رواه ابن أبي شيبة (١/ ٣٣٤) من طريق الربيع عن وكيع به.
والربيع هذا هو ابن أنس، قال أبو حاتم والعجلي: صدوق، وقال النسائي: ليس به بأس، ولم يتكلّم فيه ابن حبان إلا من رواية أبي جعفر الرازي حيث قال: الناس يتّقون من حديثه ما كان من رواية أبي جعفر عنه؛ لأن في أحاديثه عنه اضطرابًا كثيرًا.
فلا داعي إذن أن يقول فيه ابن حجر في "التقريب": صدوق له أوهام؛ لأن أوهامه من رواية أبي جعفر فقط.
ورواه عبد الرزاق (٣١٤٥) عن جعفر بن سليمان عن الصلت بن دينار عن الحسن به.
والصلت هذا متروك.
(٥) انظر كلام ابن القيم على عمل أهل المدينة النبوية في "بدائع الفوائد" (٤/ ٣٢)، و"زاد المعاد" (١/ ١١٠)، وانظر "مجموع الفتاوى" (٢٠/ ٢٢٩ - ٣١٠) و"صحة أصول أهل المدينة" كلاهما لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه اللَّه-، و"المستصفى" (١/ ١٨٧) =

<<  <  ج: ص:  >  >>