للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[الجلوس على فراش الحرير]]

المثال الثامن والأربعون: رد السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في النهي عن الجلوس على فراش الحرير، كما في "صحيح البخاري"، من حديث حذيفة: "نَهانَا رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن نشربَ في آنية الذهب والفضة، وأن نأكلَ فيها (١)، وعن الحرير والدِّيباج، وأن نجلس عليه، وقال: هو لهم في الدنيا ولنا في الآخرة" (٢)، ولو لم يأت هذا النص لكان النهي عن لبسه متناولًا لافتراشه (٣) كما هو متناول للالتحاف به، وذلك لبس لغةً وشرعًا كما قال أنس: "فقمتُ (٤) إلى حصيرٍ لنا قد اسودَّ من طول ما لُبِسَ" (٥)، ولو لم يأت اللفظ العام المتناول لافتراشه بالنهي لكان القياس المحض موجبًا لتحريمه، إما قياس المثل أو قياس الأَوْلَى، فقد دلّ على تحريم الافتراش النص الخاص واللفظ العام والقياس الصحيح، ولا يجوز رد ذلك [كله] (٦) بالمتشابه من قوله: {[هُوَ الَّذِي] (٧) خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: ٢٩]، ومن القياس على ما إذا كان الحرير بطانة الفراش دون


= العباد من ربهم، وشدّوا إليها الرحال، وتمسّحوا بها، واستغاثوا، وبالجملة أنهم لم يدعوا شيئًا مما كانت الجاهلية تفعله بالأصنام إلا فعلوه، فإنّا للَّه وإنا إليه راجعون، ومع هذا المنكر الشنيع، والكفر الفظيع لا تجد من يغضب للَّه ويغار حمية للدين الحنيف، لا عالمًا، ولا متعلّما، ولا أميرًا، ولا وزيرًا، ولا ملكًا.
فيا علماء الدين، ويا ملوك المسلمين، أي رزء للإسلام أشدّ من الكفر، وأيّ بلاء لهذا الدين أضرّ عليه من عبادة غير اللَّه؟ وأيّ مصيبة يصاب بها المسلمون تعدل هذه المصيبة، وأي منكر يجب إنكاره إن لم يكن إنكار هذا الشرك البيِّن واجبًا!
لقد أسمعت لو ناديت حيًا ... ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو نارًا نفخت بها أضاءت ... ولكن أنت تنفخ في رمادِ"
(ص ٨٤ ج ٣ "نيل الأوطار"- ط عثمان خليفة) " اهـ.
(١) في (ق): "منها".
(٢) رواه البخاري (٥٤٢٦) في (الأطعمة): باب الأكل في إناء مفضض، و (٥٦٣٢) في (الأشربة): باب الشرب في آنية الذهب، و (٥٦٣٣) باب آنية الفضة، و (٥٨٣١) في (اللباس): باب لبس الحرير للرجال، و (٥٨٣٧) باب افتراش الحرير، ومسلم (٢٠٦٧) في (اللباس والزينة): باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة.
(٣) في (ق): "متناولًا افتراشه"، وفي (ك): "متناولًا لفرشه".
(٤) في المطبوع: "قمت".
(٥) رواه البخاري (٣٨٠) في (الصلاة): باب الصلاة على الحصير، و (٨٦٠) في (الأذان): باب وضوء الصبيان، ومسلم (٦٥٨) في (المساجد): باب جواز الجماعة في النافلة.
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>