للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتخاذها مساجد، وقد لَعَنَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مَنْ فعل ذلك (١)، فأين ما لعن فاعله وحذّر منه وأخبر أن أهله شرار الخلق كما قال: "إنَّ من شِرارِ الخلق من تدركهم الساعةُ وهم أحياء، والذين يتّخذون القبور مساجد" (٢)، إلى ما فعله [رسول اللَّه] (٣) -صلى اللَّه عليه وسلم- مرارًا متكرّرة؟ وباللَّه التوفيق.


(١) في هذا أحاديث: منها حديث أبي هريرة مرفوعًا: "قاتل اللَّه اليهود اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد" رواه البخاري (٤٣٧) في (الصلاة): باب (٥٥)، ومسلم (٥٣٠) في (المساجد): باب النهي عن بناء المساجد على القبور.
وحديث ابن عباس وعائشة: رواه البخاري (٤٣٥، ٤٣٦)، وأطرافه كثيرة هناك، ومسلم (٥٣١)، ولفظه: "لعنةُ اللَّه على اليهود والنصارى اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد".
(٢) رواه أحمد في "مسنده" (١/ ٤٠٥ و ٤٣٥)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (٣/ ٣٤٥)، وعلّقه البخاري في "صحيحه" (٧٠٦٧) في (الفتن): باب ظهور الفتن، وأبو يعلى في "مسنده" (٥٣١٦)، وابن خزيمة في "صحيحه" (٧٨٩)، وابن حبان (٢٣٢٥ و ٦٨٤٧)، والهيثم بن كليب في "مسنده" (٥٢٨)، والبزار في "مسنده" (١٧٢٥ - البحر الزخار)، والطبراني في "الكبير" (١٠٤١٣)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (١/ ١٤٣) من طرق عن زائدة عن عاصم عن أبي وائل شقيق بن سلمة عن ابن مسعود مرفوعًا به.
قال الهيثمي في "المجمع" (٢/ ٢٧): "ورواه الطبراني في "الكبير" وإسناده حسن"، وذكره (٨/ ١٣)، وقال: "رواه البزار بإسنادين في أحدهما عاصم بن بهدلة، وهو ثقة، وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح".
أقول: عاصم بن بهدلة حسن الحديث.
(٣) ما بين المعقوفتين في (ق) فقط.
وأما الطريق الثاني الذي ذكره الهيثمي، فرواه أحمد (١/ ٤٥٤)، والبزار (١٧١٨) من طريق قيس عن الأعمش عن إبراهيم عن عبدة عن عبد اللَّه مرفوعًا.
وقيس صدوق؛ لكنه تغير لما كبر، كما في "التقريب".
وفي "صحيح مسلم" (٢٩٤٩) من حديث ابن مسعود أيضًا: "لا تقوم الساعة إلّا على شرار الناس". وانظر: "تغليق التعليق" (٥/ ٢٧٨)، و"فتح الباري" (١٣/ ١٤).
وقال (و): "ترى هل يعتبر عبدة القبور؟ وهل يصدقون هذه المحكمات، فلا يتخذوا القبور مساجد، ولا يجعلوا من موتى القبور أربابًا وآلهة؟
ويطيب لي أن أذكر هذه الصيحة المؤمنة التي أرسلها الشوكاني، وهي قوله: "ومن رَفع القبور الداخل تحت الحديث دخولًا أوّليًا القبب والمشاهد المعمورة على القبور، وأيضًا هو من اتخاذ القبور مساجد، وقد لعن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فاعل ذلك، وكم قد سرى عن تشييد أبنية القبور وتحسينها من مفاسد يبكي لها الإسلام، منها: اعتقاد الجهلة لها كاعتقاد الكفار للأصنام، وعظم ذلك، فظنّوا أنها قادرة على جلب النفع، ودفع الضر، فجعلوها مقصدًا لطلب قضاء الحوائج، وملجأ لنجاح المطالب، وسألوا منها ما يسأل =

<<  <  ج: ص:  >  >>