للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزيارة، ولصلاة الاستسقاء والكسوف، وعن هاهنا (١) يُعلم أن القول باستحباب ذلك خلاف السنّة، فإن تَرْكه -صلى اللَّه عليه وسلم- سنة كما أن فِعْله سنة، فإذا أستحببنا قعل ما تَرَكه كان نظير استحبابنا ترك ما فعله، ولا فرق.

فإن قيل: من أين لكم أنه لم يفعله، وعدم النقل لا يستلزم نقل العدم؟

فهذا سؤال بعيد جدًا عن معرفة هديه وسنّته، وما كان عليه، ولو صح هذا السؤال وقُبِل لاستحبَّ لنا مستحبٌّ الأذانَ للتراويح، وقال: من أين لكم أنه لم يُنقل؟ واستحبّ لنا مستحب آخر الغُسْلَ لكل صلاة، وقال: من أين لكم أنه لم يُنقل؟ واستحب لنا مستحب آخر النداء بعد الأذان للصلاة: يرحمكمُ اللَّه، ورفع بها صوته، وقال: من أين لكم أنه لم ينقل؟ واستحتا لنا آخر لبس السواد والطرحة للخطيب، وخروجه بالشاويش يصيح بين يديه ورفع المؤذنين أصواتهم كلما ذكر اسم اللَّه واسم رسوله جماعة وفُرادى، وقال: من أين لكم أن هذا لم ينقل؟ واستحبّ لنا آخر صلاة ليلة النصف من شعبان، أو ليلة أول جمعة من رجب، وقال: من أين لكم أنّ إحياءَهما لم ينقل؟ وانفتح باب البدعة، وقال: كلُّ من دعا إلى بدعة: من أين لكم أن هذا لم ينقل؟ ومن هذا تركه أخذ الزكاة من الخضروات والمباطخ وهم يزرعونها بجواره بالمدينة كل سنة، فلا يطالبهم بزكاة، ولا هم يؤدّونها إليه (٢).

[فصل [نقل الأعيان]]

وأما نقل الأعيان وتعيين الأماكن فكنقلهم الصَّاع والمدّ وتعيين موضع المنبر، وموقفه للصلاة والقبر والحجرة ومسجد قباء وتعيين الروضة والبقيع والمصلى ونحو ذلك، ونقل هذا جارٍ مجرى نقل مواضع المناسك كالصَّفا والمروة ومنًى ومواضع الجمرات ومزدلفة وعرفة ومواضع الإحرام كذي الحُلَيْفة والجُحْفة وغيرهما.

[فصل [نقل العمل المستمر]]

وأما نقل العمل المستمر فكنقل الوقوف والمزارعة، والأذان على المكان


(١) في (ق) و (ك): "هنا".
(٢) انظر: "زاد المعاد" (١/ ١٤٩)، و"تهذيب السنن" (٢/ ١٩٢) كلاهما للمصنف، وانظر مسألة الزكاة في الخضروات في "الإشراف" (٢/ ١٥٤ مسألة ٤٧٣) للقاضي عبد الوهاب المالكي، وتعليقي عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>