للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[هل تجوز الفتوى بالتقليد؟]]

قلت: هذه المسألة فيها ثلاثة أقوال لأصحاب أحمد (١):

أحدها: أنه لا يجوز الفَتْوى بالتقليد؛ لأنه ليس بعلم، والفتوى بغير علم حرام، ولا خلاف بين الناس أن التقليد ليس بعلم، وأن المقلد لا يُطْلَق عليه اسم عالم، وهذا قول أكثر الأصحاب وقول جمهور الشافعية.

والثاني: أن ذلك يجوز فيما يتعلق بنفسه، فيجوز له أن يقلد غيره من العلماء إذا كانت الفَتْوَى لنفسه، ولا يجوز أن يقلد العالم فيما يُفتي به غيره، وهذا قول ابن بَطَّة وغيره من أصحابنا؛ قال القاضي (٢): ذكر ابنُ بَطَّة في "مكاتباته إلى البرمكِي": لا يجوز له أن يفتي بما يسمع مَنْ يفتي، وإنما يجوز أن يقلد لنفسه، فأما أن يتقلد لغيره ويفتي (٣) به فلا.

والقول الثالث: أنه يجوز ذلك عند الحاجة وعدم العالم المجتهد، وهو أصح الأقوال، وعليه العمل، قال القاضي (٤): ذكر أبو حَفْصٍ في "تعاليقه" قال: سمعت أبا علي الحسن بن عبد اللَّه النَّجَّاد يقول؛ سمعت أبا الحسن بن بشار (٥) يقول: ما (٦) أعِيبُ على [رجل] (٧) يحفظ [عن أحمد] (٨) خمسَ مسائل؛ استند إلى بعض سَوَاري المسجد يُفتي بها (٩).


(١) انظر: "المسودة في أصول الفقه" (ص ٥١٣ - ٥١٤)، و"روضة الناظر وجنة المناظر" (ص ٣٣٨ - ٣٤٠) لابن قدامة، و"صفة الفتوى والمفتي والمستفتى" (١٨ - ٢٦) لابن حمدان الحنبلي، و"شرح مختصر الروضة" (٣/ ٦٢٩ - ٦٣٧) للطوفي.
(٢) في "العدة" (٥/ ١٥٩٨)، وفيه: "بما يسمع ممن يفتي. . . يقلد نفسه"، ونقلها ابن النجار في "شرح الكوكب المنير" (٤/ ٥٦٢)، وابن حمدان في "صفة الفتوى والمفتي" (ص ٢٦).
(٣) في (ق): "أو".
(٤) في "العدة" (٥/ ١٥٩٨) وفيه: "يحفظ لأحمد" وقال عقبها: "وهذا منه مبالغة" وزاد في "المسودة" عليه "في فضله"، ونقلها ابن النجار في "شرح الكوكب المنير" (٤/ ٥٦٢)، وابن تيمية في "المسودة" (ص ٥١٧)، وابن أبي يعلى في "طبقات الحنابلة".
(٥) في المطبوع: "أبا الحسين بن بشران"!! وصوابه ما أثبتناه؛ كما في "المنهج الأحمد" (٢/ ٧)، و"طبقات الحنابلة" (٢/ ٥٧)، والمصادر السابقة، ووقع في (ق): "إنما سمعت أبا الحسن بن بشران".
(٦) في (ك): "إنما".
(٧) في (ق): "من".
(٨) سقطت من (ك) و (ق).
(٩) في (ق): "يفتي الناس بها".

<<  <  ج: ص:  >  >>