للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثياب بذلته وعَبيد خدمته وداره التي يسكنها ودابته التي يركبها وكتبه التي ينتفع بها وينفع [غيره] (١)؛ فليس فيها زكاة؛ ولهذا لم يكن في حلي المرأة التي تلبسه وتعيره زكاة (٢)، فطَرْد هذا أنه لا زكاة في بقر حرْثه ولا إبلِه (٣) التي يعمل فيها بالدولاب وغيره؛ فهذا محض القياس، كما أنه موجب النصوص؛ والفرق بينها وبين السائمة ظاهر؛ فإن هذه مصروفة عن جهة النماء إلى العمل؛ فهي كالثياب والعبيد والدار، واللَّه تعالى أعلم (٤).

فصل [حكمة اللَّه في الفرق بين الحرة والأمة في تحصين الرجال]

وأما قوله: "وجعل الحرة القبيحة الشوهاء تحصِّن الرجلَ، والأمة البارعة الجمال لا تحصنه" فتعبير سيء عن معنًى صحيح؛ فإن حكمة الشارع اقتضت وجوب حد الزنا على من كملت عليه نعمةُ اللَّه بالحَلَال، فتخطّاه إلى الحرام، ولهذا لم يوجب كمال الحد على من لم يحصن، واعتبر للإحصان أكمل أحواله، وهو أن يتزوج بالحرة التي يرغب الناس في مثلها، دون الأمة التي لم يبح اللَّه نكاحها إلا عند الضرورة، فالنعمة بها ليست كاملة، ودون التسرِّي الذي هو في الرتبة دون النكاح؛ فإن الأمة ولو كانت ما عسى أن تكون لا تبلغ رتبة الزوجة،


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ن).
(٢) قرار المصنف -رحمه اللَّه- أنه لا زكاة في الحلي، وأنه القول الراجح في "الطرق الحكمية" (ص ٣٠١)، و"البدائع" (٣/ ١٤٣)، وانظر في المسألة: "المحلى" (٦/ ٨٠)، "الأموال" (ص ٤٤٦) لأبي عبيد، و (٢/ ٩٧٥ - ٩٧٨) لابن زنجويه، "المصنف" لعبد الرزاق (٤/ ٨٣ - ٨٥)، و (٣/ ١٥٤) لابن أبي شيبة، "مجموع فتاوى ابن تيمية" (٢٥/ ١٦، ١٧)، "اختلاف العلماء" (١٠٣) لابن نصر، "معالم السنن" (٢/ ١٧٦)، "أضواء البيان" (٢/ ٤٤٨ - ٤٥٠)، "الشرح الممتع" (٦/ ١٢٩ - ١٣٨)، وتعليقي على "الإشراف" للقاضي عبد الوهاب (٢/ ١٦٢ - ١٦٤).
وانظر: "الترجيح في مسائل الصوم والزكاة" (١٢٤ - ١٣١) لبازمول، "تمام المنة" (٣٦١ - ٣٦٢). وألف غير واحدٍ من المعاصرين في المسألة، منهم: إبراهيم الصبيحي صنف "فقه زكاة الحلي"، وعبد اللَّه البسام ألف "القول الجلي في زكاة الحلي"، وحمد الحماد ألف "أقوى القولين في زكاة الحلي من النقدين"، وهي مطبوعة، وقرروا فيها عدم وجوب الزكاة في الحلي.
(٣) في (د): "وإبله".
(٤) انظر: "مجموع فتاوى ابن تيمية" (٢٥/ ٣٥ - ٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>