للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبالكتمان يعزل الحق [عن] (١) سلطانه، وبالكذب يقلبُه عن وجهه والجزاءُ من جنس العمل فجزاء [أحدهم أن يعزله اللَّه عن سلطان المهابة والكرامة والمحبة والتعظيم الذي يُلبسه أهل الصدق والبيان، ويُلبسه ثوب الهَوانِ والمقت والخزي] (٢) بين عباده، فإذا كان يوم القيامة (٣) جازى اللَّه سبحانه [من يشاء] (٤) من الكاذبين [الكاتمين] (١) بطمس الوجوه، وردّها على أدبارها كما طمسوا وجهَ الحقِّ وقلبوه عن وجهه جزاءً وفاقًا، {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: ٤٦].

[من أدب المفتي ألا ينسب الحكم إلى اللَّه إلا بالنص]

الفائدة الثالثة عشرة: لا يجوز للمفتي أن يشهد على اللَّه ورسوله بأنه أحلَّ كذا أو حرمه (٥) أو أوجبه [أو أحبه] (٦) أو كرهه إلا لما يعلم أنَّ الأمر فيه كذلك مما نص اللَّه ورسوله على إِباحته أو تحريمه أو إيجابه أو كراهته، وأما ما وجده في كتابه الذي تلقاه عمَّن قلده دينه فليس له أن يَشهد على اللَّه ورسوله به، ويغرَّ الناس بذلك، ولا علم له بحكم اللَّه ورسوله.

قال غير واحد من السلف: ليحذر أحدكم أن يقول: أحلَّ اللَّه كذا، أو حرم [اللَّه] (٧) كذا، فيقول اللَّه [له] (٧) كذبتَ لم أحل كذا، ولم أحرمه (٨).

وثبت في "صحيح مسلم" من حديث بُريدة بن الحُصَيب أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "وإذا حاصرتَ حِصْنًا (٩) فسألوك أن تنزلهم على حكم اللَّه ورسوله، فلا تنزلهم على حكم اللَّه ورسوله، فإنك لا تدري أتصيب (١٠) حكم اللَّه فيهم أم لا، ولكن أنزلهم على حكمك وحكم أصحابك" (١١).


= وكذا ضعَّفه البوصيري في "زوائده" (٢/ ٥) بكلثوم هذا، والعجب من تحسين ابن الفطان في "بيان الوهم والإيهام" (٤/ ٤٧٩) لهذا الإسناد، وانظر: تعليقي على "سنن الدارقطنى" (رقم ٢٧٧٤، ٢٧٧٥).
وما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(٣) في (ق) و (ك): "يوم اللقاء".
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ت).
(٥) في (ك): "أو حرم كذا".
(٦) ما بين المعقوفتين من (ك).
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٨) ذكره المصنف في "أحكام أهل الذمة" (١/ ١١٤ - ط رمادي).
(٩) في (ق): "أهل الحصن".
(١٠) في (ك): "أصبت".
(١١) رواه مسلم (١٧٣١) في (الجهاد والسير): باب تأمير الإمام الأمراء على البعوث. =

<<  <  ج: ص:  >  >>