كتاب إعلام الموقعين عن رب العالمين - ت مشهور

[أمثلة لمن أبطل السنن بظاهر من القرآن] - [المقصود من لا عدوى ولا طيرة] - ج: 4 - ص: 65

السيد إنْ وطئ أو لم يطأ فكلا الأمرين بالنسبة إلى حصول الولد وعدمه على حد سواء كما يقوله منكرو الأسباب؟

[[المقصود من لا عدوى ولا طيرة]]

وكذلك قوله: "لا عَدْوى ولا طِيرَة" (١) لو (٢) كان المراد به نفي السبب كما زعمتم لم يدل على نفي كل سبب، وإنما غايته أن هذين الأمرين ليسا من أسباب الشر، كيف والحديث لا يدل على ذلك؟ وإنما ينفي ما كان المشركون يُثبتونه من سببيّة مستمرة على طريقة واحدة لا يمكن إبطالها ولا صرفها عن محلها ولا معارضتها بما هو أقوى منها، لا كما يقوله من قصر علمُه: إنهم كانوا يرون ذلك فاعلًا مستقلًا بنفسه.

[[مذاهب الناس في الأسباب]]

فالناس في الأسباب لهم ثلاث طرق (٣):

• إبطالها بالكلية.

• وإثباتها على وجه لا يتغير ولا يقبل سلب سببيتها ولا معارضتها بمثلها أو أقوى منها كما يقوله الطبائعية والمنجمون والدهرية.

• والثالث: ما جاءت به الرسل ودل عليه الحس والعقل والفطرة: إثباتها أسبابًا، وجواز وقوع (٤) سلب سببيتها عنها إذا شاء اللَّه ودفعها بأمور أخرى نظيرها أو أقوى منها، مع بقاء مقتضى السببية فيها، كما تُصرف كثير من أسباب الشر بالتوكل والدعاء والصدقة والذكر والاستغفار والعتق والصّلة، وتُصرف كثير من أسباب الخير بعد انعقادها بضد ذلك، فلله كم من خير انعقد سببه ثم صرف عن العبد بأسباب أحدثها منعت حصوله وهو يشاهد السبب حتى كأنه أخذ باليد؟ وكم من شرٍ انعقد سببهُ ثم صُرفَ عن العبد باسباب أحدثها منعت حصولَه؟ ومن لا فقهَ له في هذه المسألة فلا انتفاع له بنفسه ولا بعلمه، واللَّه المستعان وعليه التكلان.

[[رد الجهمية نصوص الكلام الإلهي]]

المثال العاشر: رد الجهمية النصوص المحكمة الصريحة التي تفوت العد

---

(١) سبق تخريجه.
(٢) في المطبوع: "ولو".
(٣) انظر رسالة: "السببية ودورها في حياة المسلم".
(٤) المثبت من (ق) وفي باقي النسخ: "وجواز بل وقوع".