للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول اللَّه (١) -صلى اللَّه عليه وسلم- أو أثر عن الصحابة -رضي اللَّه عنهم- لم يكره الكلام فيها، وإن لم يكن فيها نص، ولا أثر، فإن كانت بعيدة الوقوع أو مقدرة لا تقع لم يستحب له الكلام فيها، وإن كان وقوعها غير نادر، ولا مستبعد وغرض السائل الإحاطة بعلمها ليكون منها على بصيرة إذا وقعت استحب له الجواب بما يعلم لا سيما إن كان السائل يتفقه بذلك ويعتبر بها نظائرها ويفرع عليها فحيث كانت مصلحة الجواب راجحة كان هو الأولى، واللَّه أعلم.

[[لا يجوز للمفتي تتبع الحيل]]

الفائدة التاسعة والثلاثون: لا يجوز للمفتي تتبع الحيل (٢) المحرَّمة والمكروهة، ولا تتبع الرخص لمن أراد نفعه، فإن (٣) تتبع ذلك فسق، وحرم استفتاؤه، فإن (٤) حسن قصده في حيلة جائزة لا شبهة فيها, ولا مفسدة ليخلِّص (٥) المستفتي بها من حرج جاز ذلك، بل استحب، وقد أرشد اللَّه [سبحانه و] (٦) تعالى نبيه أَيوب عليه السلام إلى التخلص من الحنث بأن يأخذ بيده ضغثًا (٧) فيضرب به المرأة ضربة واحدة، وأرشد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، بلالًا إلى بيع التمر بدراهم (٨)، ثم يشتري بالدراهم تمرًا آخر فيتخلَّص من الربا (٩)، فأحسن المخارج ما خلص من المآثم (١٠) وأقبح الحيل (١١) ما أوقع في المحارم أو أسقط ما أوجبه اللَّه تعالى ورسوله من الحق اللازم، وقد ذكرنا من النَّوعين ما لعلك لا تظفر بجملته (١٢) في غير هذا الكتاب، واللَّه الموفق للصواب.


(١) في (ق): "عن النبي".
(٢) انظر: "أدب المفتي والمستفتي" (١١١) و"المجموع" (١/ ٨١) وفي (ت): "أن تتبع الحيل".
(٣) في (ق): "وإن".
(٤) في (ق): "وإن".
(٥) في المطبوع و (ت) و (ك): "لتخليص".
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع و (ت).
(٧) "قبضة حشيش مختلطة الرطب باليابس أو قبضة ريحان أو قضبان" (و).
(٨) في (ق): "بالدراهم".
(٩) تقدم مرارًا.
(١٠) في (ك): "الاثم".
(١١) في (ك): "المخارج".
(١٢) في (ت): "ما لعلك لا لجملته"، وأشار في الهامش إلى أنه في نسخة: "ما لعلك لا تجهله".

<<  <  ج: ص:  >  >>