للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التزام، فجاز تعليقه بالشرط كالنذر (١)، و"المؤمنون عند شروطهم إلا شرطًا أحل حرامًا أو حرم حلالًا" (٢) وهذا ليس واحدًا منهما، و"مقاطع الحقوق عند الشروط" (٣)، فإن خاف من قاصر في الفقه (٤) غير راسخ في حقائقه فَلْيَقل: "ضمنت لك هذا الدين عند تعذر استيفائه ممن هو عليه" فهذا ضمان مخصوص بحالة مخصوصة فلا يجوز إلزامه به في غيرها، كما لو ضمن الحال مؤجلًا أو ضمنه في مكان دون مكان، فإن خاف من إفساد هذا أيضًا فليشهد عليه أنه لا يستحق المطالبة له به إلا عند تعذر مطالبة الأصيل، وأنه متى طالبه أو ادعى عليه به مع قدرته على الأصيل كانت دعواه باطلة، واللَّه أعلم.

[[حكم عقد الإجارة المبهم]]

المثال الخامس (٥) والستون: قد تدعو الحاجة إلى أن يكون عقد الإجارة مبهمًا غير معين، فمثاله أن يقول له: إنْ ركبت هذه الدابة إلى أرض كذا [فلك عشرة وإن ركبتها إلى أرض كذا فلك] (٦) خمسة عشر، أو يقول: إن خِطْتَ هذا القميص اليوم فلك درهم، كان خطته غدًا [فلك] (٧) فنصف درهم، وإن زرغتَ هذه الأرض حنطة فأجرتها مئة، أو شعيرًا فأجرتها خمسون، ونحو ذلك؛ فهذا (٨) كله جائز صحيح، لا يدل على بطلانه كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس، بل هذه الأدلة تقتضي صحته، كان كان فيه نزاع متأخر (٩)، فالثابت عن الصحابة رضي اللَّه عنهم الذي لا يُعْلَم عنهم فيه نزاع جوازه كما ذكره البخاري في "صحيحه" عن عمر أنه دفع أرضه إلى مَنْ يزرعها وقال: إن جاء عمر بالبذْرِ من عنده فله كذا، كان جاءوا بالبذر فلهم كذا (١٠)، ولم يخالفه صحابي واحد، ولا محذور في ذلك، ولا خطر، ولا غَرَر، ولا أهل مال بالباطل، ولا جهالة تعود إلى العمل ولا إلى العوض، فإنه لا يقع إلَّا معينًا، والخِيَرَةُ إلى الأجير؛ أيَّ ذلك أحَبَّ أن يستوفي فَعَلَ، فهو كما لو قالماله: أي ثوب أخذته من هذه الثياب فقيمته (١١)


(١) في المطبوع: "كالنذور".
(٢) مضى تخريجه.
(٣) هذه قولة لعمر، مضى تخريجها.
(٤) في (ق): "الوقف".
(٥) في (ك) و (ق): "الثالث".
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ق).
(٧) ما بين المعقوفتين من (ق) فقط.
(٨) في (ك): "وهذا".
(٩) انظر: تفصيله في "الإشراف" (٣/ ٢٠٩ مسألة ١٠٥٦) وتعليقي عليه.
(١٠) سبق تخريجه قريبًا.
(١١) في (ك): "فثمنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>