للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب قيمة سدّ الذرائع]

وباب سد الذرائع أحد أرباع التكليف؛ فإنه أمر ونهي، والأمر نوعان (١)؛ أحدهما: مقصود لنفسه، والثاني: وسيلة إلى المقصود، والنهي نوعان: أحدهما: ما يكون المنهي عنه مفسدة في نفسه، والثاني: ما يكون وسيلة إلى المَفْسَدة، فصار (٢) سد الذرائع المُفْضِية إلى الحرام (٣) أحد أرباع الدين.

[فصل [تجويز الحيل يناقض سد الذريعة]]

وتجويزُ الحِيَل (٤) يُنَاقض سدَّ الذرائع مُنَاقَضَةً ظاهرةً؛ فإن الشارع يَسُدُّ الطريق إلى المفاسد بكل ممكن، والمحتال يفتح الطريق إليها بحيلة (٥)، فأين مَنْ يمنع من الجائز خشية الوقوع في المحرَّم إلى مَنْ يعمل الحيلة في التوصل إليه؟

فهذه الوجوه الذي ذكرناها وأضعافُها تدل على تحريم الحِيَل والعمل بها والإفتاء بها في دين اللَّه (٦)، ومن تأمل أحاديث اللَّعْن وجد عامتها لمن استحل


= والحديث أخرجه أحمد (١/ ٣٩١)، وصححه شيخنا الألباني في "تخريج الكلم الطيب" (ص ٧٣)، والشاهد: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أخبر أن أسماءه سبحانه ثلاثة أقسام: الأول: ما علَّمه اللَّه تعالى لمن شاء من خلقه؛ سواء الملائكة أو غيرهم، ولم ينزله اللَّه تعالى في كتابه الكريم.
والثاني: قسم أنزله اللَّه سبحانه في كتابه فعرفناه به.
والثالث: قسم استأثر اللَّه عز وجل به عنده في علم غيبه، لم يطلع عليه أحدًا من خلقه، فهذا القسم الأخير انفرد اللَّه تعالى بعلمه، فدل الحديث على أن أسماء اللَّه تعالى أكثر من التسعة والتسعين اسمًا.
وانظر -إن شئت-: "مجموع الفتاوى" (٦/ ٣٧٩ - ٣٨٢) لشيخ الإسلام، و"بدائع الفوائد" (١/ ١٦٦ - ١٦٧) للمؤلف، وتقديمي لجزء أبي نعيم "طرق حديث إن للَّه تسعة وتسعين اسمًا".
(١) في تسمية الأوامر تكليف انظر: "مدارج السالكين" (١/ ٩١)، و"إغاثة اللهفان" (١/ ١٣٢) مهم جدًا.
(٢) في (ن): "فكان".
(٣) في (ق) و (ك): "المحرم".
(٤) "عرّف ابن تيمية الحيلة بقوله: أن يسقط الواجب أو يحل الحرام بفعل لم يقصد به ما جُعل ذلك الفعل له أو شُرع" (و).
(٥) في (ك): "بكل حيلة".
(٦) في (ك) و (ق): "والافتاء في دين اللَّه بها".

<<  <  ج: ص:  >  >>