للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[الطلاق بصيغة الشرط]]

وإنما المحفوظُ إلزام الطلاقِ بصيغة الشرط والجزاء الذي قُصد به الطلاق عند وجود الشرط كما في "صحيح البخاري" عن نافع قال: طَلَّقٌ رجلٌ امرأتَه البتة إن خَرَجَت، فقال ابن عمر: إنْ خَرجَتْ فقد بانت منه، وإن لم تخرج فليس بشيء (١)، فهذا لا ينازع فيه إلا مَنْ يمنع وقوع الطلاق المعلَّق بالشرط مطلقًا.

[صور لوقوع الطلاق المعلَّق]

وأما مَنْ يفصِلُ بين القَسَم المحض والتعليق الذي يقصد به الوقوع فإنه يقول بالآثار المروية عن الصحابة كلها في هذا الباب؛ فإنهم صح عنهم الإفتاء بالوقوع في صُوَر، وصح عنهم عدم الوقوع في صور، والصواب ما أفتوا به في النوعين، ولا يُؤخذ ببعض فتاويهم ويترك بعضها، فأما الوقوع فالمحفوظُ عنهم ما ذكره البخاري عن ابن عمر (٢) وما رواه الثوري، عن الزبير بن عَدي، عن إبراهيم، عن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- في رجل قال لامرأته: إن فَعَلتْ كذا وكذا فهي طالق، ففعلته، قال: هي واحدة، وهو أحق بها (٣)، على أنه منقطع، وكذلك ما ذكره البيهقي وغيره عن ابن عباس في رجل قال لامرأته: هي طالق إلى سَنَة، قال: يستمتع بها إلى سنة (٤)، ومن هذا قول أبي ذر لامرأته وقد ألحَّت عليه في سؤاله عن ليلة


(١) هو في "صحيح البخاري" معلقًا في (الطلاق): باب الطلاق في الإغلاق والكره والسكران. . . قبل حديث (٥٢٦٩)، ولم يذكر الحافظ ابن حجر له وَصْلًا، وإنما ذكر أن سعيد بن منصور روى بإسناد صحيح عن ابن عمر أنه قال: "في الخلية والبتة ثلاث ثلاث"، وهو فيه برقم (١٦٧٩)، وكذا رواه البيهقي (٧/ ٣٤٤)، وابن أبي شيبة (٤/ ٥٠، ٥٤)، ومالك في "الموطأ" (١/ ٥٥٠).
(٢) هو الأثر السابق نفسه.
(٣) رواه البيهقي (٧/ ٣٥٦) من طريق الثوري به.
وإبراهيم هو ابن يزيد النخعي لم يسمع من ابن مسعود.
(٤) ذكره البيهقي -كما قال المؤلف رحمه اللَّه- (٧/ ٣٥٦) عن ابن عباس، ولم يذكر له إسنادًا.
ثم وجدت ابن أبي شيبة (٤/ ٢٣) يروي عن معتمر بن سليمان الرقي (في الأصل: معمر وهو خطأ) عن عبد اللَّه بن بشر عن ابن عباس قال: إلى الأجل أي المدة المؤقتة، وهذا إسناد حسن.
وروى ابن حزم في "المحلى" (١٠/ ٢١٤) من طريق أبي عبيد عن يزيد بن هارون عن الجراح بن المنهال عن الحكم بن عتيبة عنه قال: من قال لامرأته: أنت طالق إلى رأس السنة أنه يطأها ما بينه وبين رأس السنة. =

<<  <  ج: ص:  >  >>