للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غُبارهم. الخامس: أن العلم النافع هو الذي جاء به الرسول دون مقدَّرات الأذهان ومسائل الخرص والألغاز، وذلك بحمد اللَّه تعالى أيسر شيء على النفوس تحصيله وحفظه وفهمه، فإنه كتابُ اللَّه الذي يسَّره للذكر كما قال تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: ١٧] قال البخاري في "صحيحه" (١): "قال مَطَر الوَرَّاق: هل من طالب علم فيُعان عليه؟ "، ولم يقل فتضيع عليه مصالحه وتتعطل عليه معايشه (٢) وسنة رسوله وهي بحمد اللَّه تعالى مضبوطة محفوظة، وأصول الأحكام التي تدور عليها نحو خمس مئة حديث، وفرشها وتفاصيلها نحو أربعة آلاف حديث وإنما الذي هو في غاية الصعوبة والمشقة مقدَّرات الأذهان وأغلوطات المسائل والفروع والأصول التي ما أنزل اللَّه بها من سُلطان التي كل مالها في نمو وزيادة وتوليد (٣)، والدين كل ماله في غربة ونقصان، واللَّه المستعان.

[[عدد الأحاديث التي تدور عليها أصول الأحكام وتفاصيلها]]

الوجه الثالث والستون: قولكم: "قد أجمع الناس على تقليد الزوج لمن يهدي إليه زوجته ليلة الدخول، وعلى تقليد الأعمى في القبلة والوقت، وتقليد المؤذنين، وتقليد الأئمة في الطهارة وقراءة الفاتحة، وتقليد الزوجة في انقطاع دمها ووطئها وتزويجها".

فجوابه ما تقدم: أن استدلالكم بهذا من باب المغَاليط، وليس هذا من


= ما أخرجه مسلم في "صحيحه" (رقم ٨٤٧) عن عائشة؛ قالت: "كان الناس أهل عمل ولم يكن لهم كفاة".
وما أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم ٢٠٧١) عنها بلفظ: "كان أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عمال أنفسهم"، وانظر: "الرسالة" (رقم ٨٤٦) للشافعي.
وفي الحديث المتفق عليه حديث تطويل معاذ في الصلاة: "ونحن نعمل بأيدينا".
وما ثبت عن أبي هريرة: "وكان المهاجرون يشغلهم الصفق بالأسواق، وكانت الأنصار يشغلهم القيام على أموالهم". وانظر: "المجالسة" (رقم ٧٥٤) وتعليقي عليه، و"الإحكام" (٦/ ٩٢) لابن حزم.
(١) (ص ١٥٨٦) قبل رقم (٧٥٥١): كتاب التوحيد، باب قوله تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ}.
(٢) في المطبوع: "معايشه عليه" كذا بتقديم وتأخير.
(٣) أَحسن من قال: "العلم نُقطة كثَّرها الجاهلون".

<<  <  ج: ص:  >  >>