للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمر بن عبد العزيز: إنا كنا نقضي بذلك بالمدينة، فوجدنا أهلَ الشام على غير ذلك؛ فلا نقضي إلا بشهادة رجلين عدلين أو رجلٍ وامرأتين.

ولم يَجمع بين العشاء والمغرب قَطُّ ليلة المطرِ، والسماء (١) يَسْكبُ عليه في منزله الذي كان فيه بخُنَاصِرَ (٢) ساكنًا (٣).

[مؤخر الصّداق]

ومن ذلك أنَّ أهلَ المدينة يقضون في صَدُقَاتِ النساء أنها متى شاءت أن تتكلم في مؤخَّر صداقها تكلَّمَتْ فدُفع إليها، وقد وافق أهلُ العراق أهلَ المدينة على ذلك وأهلُ الشام وأهلُ مصر، ولم يقضِ أحدٌ من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا مَنْ بعدهم لامرأةٍ بصدَاقها المؤخَّرِ إلا أن يفرِّق بينهما موتٌ أو طلاقٌ فتقوم على حقِّها.

[[القول في الإيلاء]]

ومن ذلك قولهم في الإيلاء: إنه لا يكون عليه طلاقٌ حتى يُوقَفَ وإنْ مرَّت الأربعةُ الأشهُرُ، وقد حدثني نافع عن عبد اللَّه بن عمر -وهو الذي كان يُرْوَى عنه ذلك التوقيف بعد الأشهر- أنه كان يقول في الإيلاء الذي ذكر اللَّه في كتابه: لا يحِلُّ للمُولي إذا بَلَغ الأجلَ إلا أن يفيء كما أمر اللَّهُ أو يَعزِمَ الطَّلاقَ (٤)، وأنتم تقولون: إنْ لَبِث بعد الأربعة الأشهر التي سمَّى اللَّه في كتابه ولم يُوقَف لم يكن


(١) بدلها في المطبوع: "والمطر".
(٢) قال (و): "بليدة من أعمال حلب، تحاذي قِنَّسْرين نحو البادية، وتقال بالتاء -أيضًا-" اهـ.
قلت: وهي بالتاء في المطبوع، وانظر: "معجم البلدان" (٣/ ٤٦٧).
(٣) بدلها في بعض المصادر التي ذكرت الرسالة: "سكبًا"، وما أثبتناه من "المعرفة", وكذا في جميع الأصول، وقد حررت مذهب عمر بن عبد العزيز في الطبعة الثانية من كتابي "فقه الجمع بين الصلاتين" (ص ٤٠، ٤٣ - ٤٤، ١٣٩ - ١٤٠)، وفيها كثير من الزيادات على الطبعة الأولى، والحمد للَّه الذي بنعمته تتم الصالحات.
(٤) رواه مالك في "الموطأ" (٢/ ٥٥٦)، والبخاري في "صحيحه" (٥٢٩٠) و (٥٢٩١) في (الطلاق): باب قوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢٦)}، وعبد الرزاق (١١٦٦١) و (١١٦٦٢)، وابن أبي شيبة (٤/ ٩٨) , وسعيد بن منصور (١٩١١)، والبيهقي (٧/ ٣٧٧) من طرق عن نافع عنه، وفيها ما هو من أصح الأسانيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>