للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ] (١) إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} [البقرة: ٢٢٨]، وكذا في سورة الطلاق لمّا ذكر الاعتداد بالأشهر الثلاثة في حق من إذا بلغت أجلها خُيِّر زوجها بين إمساك بمعروف أو مفارقتها بإحسان، وهي الرجعية قطعًا، فلم يذكر الأقراء أو بدلها (٢) في حق بائنٍ البتَّة.

القسم الثالث: من بانت عن زوجها وانقطع حقه عنها بسَبْيٍ (٣) أو هجرة أو خُلع؛ فجعل عدتها حيضة للاستبراء، ولم يجعلها ثلاثًا؛ إذ لا رجعة للزوج، وهذا في غاية الظهور والمناسبة؛ وأما الزانية والموطوءة بشبهة فموجب الدليل أنها تستبرأ بحيضة فقط، ونص عليه أحمد في الزانية، واختاره شيخُنا في الموطوءة بشبهة (٤) وهو الراجح، وقياسهما على المطلقة الرجعية من أبعد القياس وأفسده.

فإن قيل: فهبْ أن هذا [قد] (٥) سلم لكم فيما ذكرتم من الصور، [فإنه لا يُسلّم] (٦) معكم في المطلقة ثلاثًا؛ فإن الإجماع منعقد على اعتدادها بثلاثة قروء مع انقطاع حق زوجها من الرجعة، والقصد مجرد استبراء رحمها.

[حكمة عدة المطلقة ثلاثًا]

قيل: نعم هذا سؤال وارد، وجوابه من وجهين:

أحدهما: أنه قد اختلف في عدتها: هل هي بثلاثة قروء أو بقرْء واحد؟ فالجمهور -بل الذي لا يَعرفُ الناسُ سواه- أنها ثلاثة قروء، وعلى هذا فيكون وجهُه أن الطَّلقةَ الثالثة لما كانت من جنس الأُولتين (٧) أُعطيت حكمهما؛ ليكون باب الطلاق كله بابًا واحدًا، فلا يختلف حكمه؛ والشارع إذا علَّق الحكمَ بوصفٍ لمصلحةٍ عامة لم يكن تخلف تلك المصلحة والحكمة في بعض الصور مانعًا من ترتب الحكم، بل هذه قاعدةُ الشريعة وتصرفها في مصادرها ومواردها.

الوجه الثاني: أن الشارع حرّمها عليه حتى تنكحَ زوجًا غيره، عقوبةً له،


(١) بدل ما بين المعقوفتين في (ق) و (ك): "إلى قوله".
(٢) في (ن): "أو بذلها".
(٣) في (ن) و (ق): "بسباء".
(٤) انظر: "مجموع الفتاوى" (٣٢/ ١١٠، ١١١، ٣٤٠)، و"تيسير الفقه الجامع للاختيارات الفقهية لشبخ الإِسلام ابن تيمية" (٢/ ٨٤٧ - ٨٥٠) للشيخ أحمد موافي.
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٦) في (ن): "فلم يسلم".
(٧) في المطبوع: "الأوليين".

<<  <  ج: ص:  >  >>