للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلينا معك المغرب ثم قلنا: نجلس حتى نصلي معك العشاء قال: "أحسنتم وأصبتم" ورفع رأسه إلى السماء وكان كثيرًا ما يرفع رأسه إلى السماء، فقال: "النجوم أَمَنةٌ للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون" (١)، ووجه الاستدلال بالحديث أنه جعل نسبة أصحابه إلى من بعدهم كنسبته إلى أصحابه، وكنسبة النجوم إلى السماء، ومن المعلوم أن هذا التشبيه يعطي من وجوب اهتداء الأمة بهم ما هو نظير اهتدائهم بنبيهم -صلى اللَّه عليه وسلم-، ونظير اهتداء (٢) أهل الأرض بالنجوم، وأيضًا فإنه جعل بقاءهم بين الأمة أمنة لهم (٣)، وحِرْزًا من الشر وأسبابه (٤)، فلو جاز أن يخطئوا فيما أفتوا به ويظفر به من بعدهم لكان الظافرون بالحق أمنة الصحابة وحرزًا لهم (٥). وهذا من المحال.

[[هم كالملح لا يصلح الطعام بدونه]]

الوجه السادس عشر: ما رواه أبو عبد اللَّه بن بطة من حديث الحسن، عن أنس رضي اللَّه عنه [أنه] (٦) قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن مثل أصحابي في أمتي كمثل الملح في الطعام، لا يصلح الطعام إلا بالملح" (٧) قال الحسن: قد ذهب


(١) رواه مسلم (٢٥٣١) في (فضائل الصحابة): باب بيان أن بقاء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمان لأصحابه، وبقاء أصحابه أمان للأمة.
(٢) في (ق): "ونظير هذا اهتداء".
(٣) أمنة لأفراد الأمة (س).
(٤) والجهل من أعظم أسباب الشر (س)، وفي (ك): "وحذرًا" بدل "وحرزًا".
(٥) ولما كان الصحابة حرزًا وأمنة للأمة (س).
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٧) رواه ابن المبارك في "الزهد" (٥٧٢) -ومن طريقه الآجري في "الشريعة" (٤/ ١٦٨٢ - ١٦٨٣ رقم ١١٥٧) - والبزار (٢٧٧١ - زوائده)، وأبو يعلى (٢٧٦٢)، والبغوي في "شرح السنة" (٣٨٦٨)، والقضاعي في "مسند الشهاب" (١٣٤٧)، والديلمي في "الفردوس" (٦٤٠٠) من طريق إسماعيل بن مسلم المكي عن الحسن عن أنس مرفوعًا به.
قال الهيثمي (١٠/ ١٨): فيه إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف.
أقول: والحسن البصري مدلس أيضًا وقد عنعن. ومما يدل على ضعف إسماعيل بن مسلم هذا أن الحديث رواه من هو أوثق منه مرسلًا.
فقد رواه عبد الرزاق (٢٠٣٧٧) (١١/ ٢٢١)، ومن طريقه أحمد في "فضائل الصحابة" (١٦ و ١٧٣٠) والآجري في "الشريعة" (رقم ١١٥٨) عن معمر عمّن سمع الحسن يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . فذكره.=

<<  <  ج: ص:  >  >>