للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبي بكر وبعض الشافعية [ومذهب أبي حنيفة] (١). والذين منعوا وقوع الطلاق جملة قالوا: هو ظاهر كلام الشافعي، فهذا تلخيص الأقوال في هذا التعليق.

قال المصححون للتعليق (٢): صَدَرَ من هذا الزوج طلاقان منجَّز ومعلّق، والمحل قابلٌ، وهو ممن يملك التنجيز والتعليق، والجمعُ بينهما ممتنعٌ، ولا مزية لأحدهما على الآخر، فتمانعا وتساقطا، وبقيت الزوجية بحالها، وصار كما لو تزوج أختين في عقد واحد فإنه يبطل نكاحهما لهذا الدليل بعينه.

وكذلك إذا أَعتقَ أمَتَه في مرض موته وزوَّجها عبده (٣) ولم يدخل بها وقيمتها مئة ومهرها مئة وباقي التركة مئة لم يثبت لها الخيار؛ لأن إثبات الخيار يقتضي سقوط المهر، وسقوط المهر يقتضي نفي الخيار، والجمع بينهما لا يمكن، وليس أحدهما أولى من الآخر؛ لأن طريق ثبوتهما الشَّرعُ، فأبقينا النكاح ورفضنا الخيار ولم يسقط المهر، وكل ما أفضى وقوعُه إلى عدم وقوعه فهذه سبيلُه.

ومثاله في الحس إذا تشاحَّ اثنان في دخول دار، وهما سواء في القوة، وليس لأحدهما على الآخر مزية توجب تقديمه؛ فإنهما يتمانعان فلا يدخل واحدٌ منهما، وهذا مشتق من دليل التمانع على التوحيد، وهو [أنه] (٤) يستحيل أن يكون للعالم فاعلان مستقلان بالفعل؛ فإن استقلالَ كل منهما ينفي استقلال الآخر، فاستقلالهما يمنع استقلالهما، ووِزَانُه (٥) في هذه المسألة أن وقوعهما يمنع وقوعهما.

[[مسائل عديدة من الدور الحكمي]]

قالوا: وغاية ما في هذا الباب استلزام هذا التعليق لدَوْرٍ حكمي يمنع وقوع المعلَّق والمنجَّز، ونحن نريكم من مسائل الدور التي يُفْضي وقوعها إلى عدم وقوعها كثيرًا، منها ما ذكرناه (٦)، ومنها ما لو وجد من أحدهما ريح وشكَّ كل واحد منهما هل هي منه أو من صاحبه، لم يجز اقتداء أحدهما بالآخر؛ لأن


(١) انظر: "الهداية" (٢/ ١٥)، "الدر المختار مع حاشية رد المحتار" (٣/ ٢٢٩)، وما بين المعقوفتين سقط من (ن).
(٢) في هامش (ق): "يعني ابن سريج".
(٣) في (ك): "عبد".
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(٥) في (ق): "ووازنه" وفي الهامش: "لعله: وازنه".
(٦) انظر: "بدائع الصنائع" (١/ ١٨٦ - ١٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>