للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل [الرد على المانعين]]

وأما قولُكم: "إنه استثناءٌ يرفع جملة الطلاق فلم يصح، كقوله: أنت طالق ثلاثًا إلا ثلاثًا"، فما أبردها من حجَّة، فإن الاستثناء لم يرفع حكم الطلاق بعد وقوعه، وإنما منع [من] (١) انعقاده منجزًا بل انعقد معلَّقًا كقوله: "أنت طالق إن شاء فلان"، فلم يشأ فلان؛ فإنها لم (٢) تطلق، ولا يقال: إن الاستثناء رفع جملة الطلاق (٣).

وأما قولكم: "إنه إنشاءُ حكم في محل، فلم يرتفع بالمشيئة كالبيع والنكاح" فأبْرَدُ من الحجة التي قبلها؛ فإن البيع والنكاح لا يصح تعليقهما بالشرط، بخلاف الطلاق.

وأما قولكم: "إزالة ملك؛ فلا (٤) يصح تعليقه على مشيئة اللَّه كالإبراء" فكذلك أيضًا فإن الإبراء لا يصح تعليقه على الشرط مطلقًا عندكم، سواء كان الشرط مشيئة اللَّه (٥) أو غيرها، فلو قال: "أبرأتك إن شاء زيد" لم يصحّ، ولو قال: "أنت طالق إن شاء زيد" صح.

وأما قولكم: "إنه تعليق على ما لا سبيل إلى العلم به" فليس كذلك، بل هو تعليقٌ على ما لنا سبيل إلى علمه؛ فإنه إذا أوقعه في المستقبل علمنا وجود الشرط قطعًا وأن اللَّه قد شاءه.

وأما قولكم: "إن اللَّه قد شاءه بتكلم المُطَلَّق به" (٦) فالذي شاءه اللَّه إنما هو طلاق معلَّق، والطلاق المنجّز لم يشأه اللَّه، إذ لو شاءه لوقع ولا بد، فما شاءه اللَّه لا يُوجب وقوع الطلاق في الحال، وما يوجب وقوعه في الحال لم يشأه اللَّه.

وأما قولكم: "إن اللَّه [سبحانه و] (٧) تعالى وضع لإيقاع الطلاق هذه اللفظَةَ شرعًا وقدرًا" فَنَعَمْ وضع تعالى (٨) المنجز لإيقاع المنجز، والمعلَّق لوقوعه عند وقوع ما عُلِّقَ به.


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) في (ك) و (ق): "لا".
(٣) في (ق): "إن هذا استثناء رافع لجملة الطلاق"، وفي (ك): "أن هذا استثناء رفع جملة الطلاق".
(٤) في (ك) و (ق): "فلم".
(٥) في (ق): "بمشيئة اللَّه".
(٦) في (ق): "شاء تكلم المطلق به".
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.
(٨) في (ق) و (ك): "سبحانه".

<<  <  ج: ص:  >  >>