للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما صرَّح به الأصحاب، وكذلك (١) لو قبض حصته ثم استهلكها قبل المحاصَّة لم يضمن (٢) لشريكه شيئًا، وكان المقبوض من ضمانه خاصة، وذلك أنه لما أذن لشريكه في قبض ما يخصه فقد أسقط حقه من المحاصة، فيختص الشريك بالمقبوض، وأما إذا استهلك الشريك ما قبضه فإنه لا يضمن لشريكه حصته منه قبل المحاصة؛ لأنه لم يدخل في ملكه، ولم يتعين له بمجرد قبض الشريك له، ولهذا لو وفَّى شريكه نظيره لم يقل انتقل إلى القابض الأول ما كان ملكًا (٣) للشريك، فدل على أنه إنما يصير ملكًا له بالمحاصّة لا بمجرد قبض الشريك.

ومن الأصحاب من فرق بين كون الدَّين بعقد وبين كونه بإتلاف أو إرث، ووجه الفرق أنه إذا كان بعقد فكأنه عقد مع الشريكين، فلكل منهما أن يطالب بما يخصه، بخلاف دَيْن الإرث والإتلاف، واللَّه أعلم (٤).

[بيع المغيَّبات في الأرض]

المثال الثامن (٥) والستون: اختلف الفقهاء في جواز بيع المغيبات في الأرض من البصل والثوم والجزر (٦) واللفت والفجل والقلقاس ونحوها على قولين (٧):

أحدهما: المنع من بيعه كذلك لأنه مجهول غير مشاهد، والوَرَق لا يدل على باطنه، بخلاف ظاهر الصُّبرة. وعند أصحاب هذا القول لا يباع حتى يُقلع.

والقول الثاني: يجوز بيعه كذلك على ما جَرَت به عادة أصحاب الحقول. وهذا قول أهل المدينة (٨)، وهو أحد الوجهين في مذهب الإمام أحمد (٩)، اختاره


(١) في (ك): "وكذا".
(٢) في المطبوع: "يضعن".
(٣) في (ن) و (ق): "مالكًا"، وفي هامش (ق): "لعله ملكًا".
(٤) انظر: "الطرق الحكمية" للمصنف (ص ٢٠).
(٥) في (ك) و (ق): "السادس".
(٦) في (ن): "الجوز" بدل "الجزر"! وأشار في هامش (ق) إلى أنه في نسخة كذلك.
(٧) انظر: "بدائع الفوائد" (٣/ ٢٠٩ و ٤/ ٢٣، ٥١)، و"إغاثة اللهفان" (١/ ١٦٤، ١٦٧، ١٧٦، ١٧٧، ١٧٨)، كلاهما للمصنف.
(٨) نص على ذلك الإمام مالك -رحمه اللَّه- في "الموطأ" فانظره (٤/ ٢٢٢/ - مع "المنتقى")، وانظر: "المنتقى" نفسه (٤/ ٢٢٢ - ٢٢٣)، و"بداية المجتهد" (٢/ ١٧٩)، و"القوانين الفقهية" (ص ٢٢٥)، و"المعونة" (٢/ ١٠٠٩)، و"التفريع" (٢/ ١٤٣)، و"الكافي" (٣٣٣)، و"الإشراف" (٢/ ٤٧٤ مسألة ٧٩٣) وتعليقي عليه.
(٩) كما في "المبدع" (٤/ ١٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>