للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو إجماعًا شائعًا (١) وجب إنكاره اتفاقًا، وإن لم يكن كذلك فإنَّ بيان ضعفه ومخالفته للدليل إنكار مثله، وأما العمل فإذا كان على خلاف سنة أو إجماع وجب إنكاره بحسب درجات الإنكار، وكيف يقولُ فقيهٌ: لا إنكار في المسائل المختلف فيها، والفقهاءُ من سائر الطوائف قد صرَّحوا بنقضِ حكم الحاكم إذا خالف كتابًا أو سنةً وإن كان قد وافق فيه بعض العلماء؟ وأما إذا لم يكن في المسألة سنةٌ ولا إجماعٌ وللاجتهاد فيها مَسَاغٌ لم يُنكر (٢) على مَنْ عمل بها مجتهدًا أو مقلدًا.

وإنما دخل هذا اللبس من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد، كما اعتقد ذلك طوائف من الناس ممن ليس لهم تحقيق في العلم.

[متى يسوّغ الاجتهاد؟]

والصواب ما عليه الأئمة (٣) أن مسائل الاجتهاد ما لم يكن فيها دليل يجب (٤) العمل به وجوبًا ظاهرًا مثل حديث صحيح لا معارض له من جنسه فيسوغ فيها -إذا عدم فيها الدليل الظاهر الذي يجب العمل به- الاجتهاد لتعارض الأدلة أو لخفاء الأدلة فيها، وليس في قول العالم: "إن هذه المسألة قطعية أو يقينية، ولا (٥) يسوغ فيها الاجتهاد" طَعْنٌ على مَنْ خالفها، ولا نسبة له إلى تعمّد (٦) خلاف الصواب، والمسائل التي اختلف فيها السلف والخلف وقد تيقَّنا صحة أحد القولين فيها كثير، مثل كون الحامل تعتد بوضع الحمل (٧)، وأن إصابة الزوج


(١) في "بيان الدليل": "أو إجماعًا قديمًا" وفي (ن) و (ق): "أو أجماعًا سابقًا"، وفي (ك): "أو إجماعًا سائغًا".
(٢) في المطبوع: "لم تنكر".
(٣) في (ق): "الأمة".
(٤) في (ق): "يثبت".
(٥) في (ن) و (ك) و (ق): "أولا".
(٦) في (ق): "بعد".
(٧) يشير إلى قصة سبيعة الأسلمية مع زوجها الذي مات فأنكحها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد وضع حملها الذي كان في بعض الروايات بعد أربعين يومًا.
روى قصتها البخاري (٣٩٩١) في (المغازي): باب رقم (١٠) تعليقًا، و (٥٣١٩) في (الطلاق): باب {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}، ومسلم (١٤٨٤) في (الطلاق): باب انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها بوضع الحمل من حديثها.
ورواه البخاري (٤٩٠٩) و (٥٣١٨)، ومسلم (١٤٨٥)، من حديث أم سلمة.
ورواه البخاري (٥٣٢٠)، من حديث المسور بن مخرمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>