للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شريعته التي هي شريعته لا يحتاج معها إلى غيرها، وإنما يحتاج إلى غيرها مَنْ لم يُحِطْ بها علمًا أو لم يقم بها (١) عملًا.

[[ما في ضمن المحرمات من المفاسد يمنع أن يشرع إليها التحيل]]

والمقصود أن ما في ضمن المحرمات من المفاسد والمأمورات من المصالح يمنع أن يشرع إليها التحيل بما يبيحها ويسقطها، وأن ذلك مناقضة ظاهرة، ألا ترى أنه بالَغَ في لعن المحلِّل للمفاسد الظاهرة والباطنة التي في التحليل التي يعجز البشر عن الإحاطة بتفاصيلها؛ فالتحيل على صحة هذا النكاح بتقديم اشتراط التحيل عليه وإخلاء صُلْبه عنه إن لم يَزدْ مفسدتَه فإنه لا يُزِيلها ولا يخّففها، وليس تحريمه والمبالغة في لعن فاعله تعبدًا لا يُعْقَل معناه، بل هو معقول المعنى من محاسن الشريعة، بل لا يمكن شريعة الإسلام ولا غيرها من شرائع الأنبياء (٢) أن تأتي بحيلة؛ فالتحيّل على وقوعه وصحته إبطال لغرض الشارع وتصحيح لغرض المتحيل المخادع.

[لِمَ حرم الصيد في الإحرام]

وكذلك الشارع حَرَّم الصيد في الإحرام وتوعَّدَ بالانتقام على مَنْ عاد إليه بعد التحريم (٣)، لما فيه من المفسدة الموجبة لتحريمه وانتقام الرب من فاعله، ومعلوم قطعًا أن هذه المفسدة لا تزول بنصب الشِّباك له قبل الإحرام بلحظة، [فإذا وقع فيها حال الإحرام أخذه بعد الحِلّ بلحظة] (٤)، فإباحته لمن فعل هذا إبطال لغرض الشارع الحكيم وتصحيح لغرض المخادع.

[حكمة إيجاب الكفّارة على من وطئ نهار رمضان]

وكذلك إيجاب الشارع الكفارة على مَنْ وطئ في نهار رمضان فيه من المصلحة جَبْر وَهن الصوم، وزجر الواطئ، وتكفير جُرمه، واستدراك فرطه، وغير ذلك من المصالح التي علمها مَنْ شرَع الكفارة وأحبها ورضيها، فإباحةُ التحيل لإسقاطها بأن يتغدَّى قبل الجماع ثم يجامع نقضٌ لغرض الشارع، وإبطالٌ له،


(١) في المطبوع: "به".
(٢) في (ك): "الإسلام".
(٣) في (ك) و (ق): "تحريمه".
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع و (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>