للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمكره أشبه منه بالمختار، ومثل هذا لا يلزمه ما عقده من هذه العقود.

ومن له قدم راسخ في الشريعة ومعرفة بمصادرها ومواردها، وكان الإنصافُ أحبَّ إليه من التَّعصُّب والهوى، والعلم والحجة آثر عنده من التقليد، لم يكد يخفى عليه وجه الصواب، واللَّه الموفق.

وهذه المسألة من نفائس هذا الكتاب، والجاهل الظالم لا يرى الإحسان إلا إساءة، ولا الهدى إلا الضلالة:

فَقُل للعيون الرُّمَّدِ: للشمس أعينٌ ... سِوَاكِ تراها في مَغِيبٍ ومَطْلَعِ

وسامح نفوسًا بالقُشور قد ارتَضَتْ ... وليسَ لها لِلُّبِّ مِنَ مُتَطَلِّعِ

[[حبس العين على ثمنها وأجرتها]]

المثال الرابع (١) بعد المئة: اختلف الفقهاء هل يملك البائع حبس السلعة على ثمنها؟ وهل يملك المستأجر حبس العين بعد العمل على الأجرة؟ على ثلاثة أقوال:

أحدها: يملكه في الموضعين، وهو قول مالك وأبي حنيفة، [وهو المختار] (٢).

الثاني: لا يملكه في الموضعين، وهو المشهور من مذهب أحمد (٣) عند أصحابه.

والثالث: يملك حبس العين المستأجرة على عملها، ولا يملك حبس المبيع (٤) على ثمنه، والفرق بينهما أن العمل يجري مجرى الأعيان، ولهذا يقابل بالعوض، فصار كأنه شريك (٥) لمالك العين بعمله، فأَثَرُ عمله قائم بالعين، فلا يجب [عليه] (٦) تسليمه قبل أن يأخذ عِوَضَهُ، بخلاف المبيع، فإنه قد دخل في ملك المشتري، وصار الثمن في ذمته ولم يبق للبائع تعلق بالعين، ومن سوَّى بينهما قال: الأجرة قد صارت في الذمة، ولم يشترط رهن العين عليها، فلا (٧) يملك حبسها.

[وعلى هذا] (٢) فالحيلة في الحبس في الموضعين حتى يصل إلى حقه أن


(١) في (ك) و (ق): "الثاني".
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٣) في (ق): "وهو المشهور عن أحمد".
(٤) في (ك): "العين".
(٥) في (ك): "شريكًا".
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(٧) في (ق): "فلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>