للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[أنواع الوسائل وحكم كل نوع منها]]

الفعل أو القول المُفْضِي إلى المفسدة قسمان:

أحدهما: أن يكون وضعه للإفضاء إليها كشُرب المسكر المُفْضي إلى مفسدة السكر (١)، وكالقَذْف المُفْضِي إلى مفسدة الفِرْيَة، والزنا المُفْضِي إلى اختلاط المياه وفساد الفراش (٢)، ونحو ذلك؛ فهذه أفعال وأقوال وُضِعَت مفضية لهذه المفاسد وليس لها ظاهر غيرها.

والثاني: أن تكون موضوعة للإفضاء إلى أمر جائزٍ أو مستحب، فيتخذها (٣) وسيلة إلى المحرم إما بقصده أو بغير قصد منه.

فالأول كمن يعقد النكاح قاصدًا به التحليل، أو يعقد البيع قاصدًا به الربا، أو يخالع قاصدًا به الحنث، ونحو ذلك، والثاني كمن يُصلي تطوعًا بغير سبب في أوقات النهي، أو يسب أرباب المشركين بين أظهرهم، أو يصلي بين يدي القبر للَّه، ونحو ذلك.

ثم هذا القسمُ من الذرائع نوعان:

أحدهما: أن تكون مصلحة الفعل أرجَحَ من مفسدته.

والثاني: أن تكون مفسدته راجحة على مصلحته؛ فههنا أربعة أقسام:

الأول: وسيلة موضوعة للإفضاء إلى المفسدة.

الثاني: وسيلة موضوعة للمُبَاح قُصِد بها التوسلُ إلى المفسدة.

[الثالث: وسيلة موضوعة للمباح لم يُقْصَد بها التوسل إلى المفسدة لكنها] (٤) مُفْضِية إليها غالبًا ومفسدتها أرجح من مصلحتها.

الرابع: وسيلة موضوعة للمباح وقد تُفْضِي إلى المفسدة ومصلحتها أرجح من مفسدتها.

فمثال القسم الأول والثاني قد تقدم، ومثال الثالث الصلاةُ في أوقات النهي، ومَسَبَّة آلهة المشركين بين ظَهْرَانيهم، وتزيُّن المتوفَّى عنها في زمن عَدَّتِها،


(١) انظر: "تهذيب السنن" (١/ ٣١٢، ٣٦١، ٣٦٢، ٣٧٦)، و"زاد المعاد" (٣/ ٣٠، ١٤١)، و"بدائع الفوائد" (٣/ ١٤٠)، و"الحدود والتعزيرات" (ص: ٢٧٢ - ٢٩١).
(٢) في (ن): "الفرش".
(٣) في المطبوع: "فيتخذ".
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ك) وسقط من (ق): "لكنها".

<<  <  ج: ص:  >  >>