للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السادس: أن يكون فَهِم ما لم يُرِده الرسول (١) -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأخطأ في فهمه، والمراد غير ما فهمه، وعلى هذا التقدير لا يكون قوله حجة، ومعلوم قطعًا أن وقوع احتمال (٢) من خمسة أغلب [على الظن] (٣) من وقوع احتمال واحد معيَّن، هذا ما لا يشك فيه عاقل [من بعده] (٤)، يفيد ظنًا غالبًا قويًا على أن الصواب في قوله دون ما خالفه (٥) من أقوال من بعده، وليس المطلوب إلا الظن الغالب، والعمل به متعين، ويكفي العارف هذا الوجه.

[فصل [من وجوه فضل الصحابة]]

هذا فيما انفردوا به عنا، أما المدارك التي شاركناهم فيها (٦) من دلالات الألفاظ والأقيسة فلا ريب أنهم كانوا أَبرَّ قلوبًا، وأعمق علمًا وأقل تكلّفًا وأقرب إلى أن يوفَّقوا فيها لما لم نوفق له نحن، لما خصَّهم اللَّه [تعالى] (٧) به من توقّد الأذهان، وفصاحة اللسان، وسعة العلم، وسهولة الأخذ، وحسن الإدراك وسرعته، وقلّة المعارض (٨) أو عدمه، وحسن القصد، وتقوى الرب تعالى (٩)، فالعربية طبيعتهم وسليقتهم، والمعاني الصحيحة مركوزة في فطرهم وعقولهم (١٠)، ولا حاجة بهم إلى النظر في الإسناد وأحوال الرواة وعلل الحديث والجرح


(١) في (ق): "ما لا يرده النبي".
(٢) "في أولى المصريتين: "وقوع احتمال الظن من خمسة. . . إلخ"، وكلمة: "الظن" مقحمة كما هو واضح" (د). قلت: وهو المثبت في (ق).
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٤) بدل ما بين المعقوفتين في (ق): "وذلك".
(٥) في (ق): "دون من خالفه".
(٦) في (ق) و (ك): "هذا فيما انفرد به عنا، وأما المدارك التي شركناهم فيها".
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٨) فكيف لو رأى ابن القيم من جعل طلب العلم آخر همه، وأرخص مطلوب له، وهام في كل واد، يخطب الدنيا، ويجمع لمهرها ثم يطلب العلم بفضلات الوقت والجهد؟ بل كيف لو رأى من استفرغ قوى فكره في رضا نفسه، واستقصاء لذاته؟؟ وأين موقع هذا وأمثاله من العلم وأهله؟ (س).
(٩) هذه بصيرة الإيمان التي لم تفسدها أوهام التقليد، ولم تزعزعها وساوس تقديس الرجال، ولم تغيرها القلوب المرعوبة من تعظيم الرجال بغير حق (س).
(١٠) وذلك فضل اللَّه يؤتيه من يشاء (س).

<<  <  ج: ص:  >  >>