للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أدلة من عمل السَّلف]

وكان بعض السلف إذا أراد أن لا يطعم طعامًا لرجل (١) قال: أصبحت صائمًا، يريد أن أصبح فيما سلف [صائمًا] (٢) قبل ذلك اليوم، وكان محمد ابن سيرين إذا اقتضاه بَعْضُ غُرَمائه وليس عنده ما يعطيه قال: أعطيك في أَحدِ اليومين إن شاء اللَّه، يريد بذلك يومي الدنيا والآخرة، وسأل رجل عن المروزي وهو في دار أحمد بن حنبل، فكره الخروج إليه، فوضع [أحمد] (٣) أصبعه في كفّه، فقال: ليس المروزي هاهنا، وما يصنع المروزي هاهنا (٤)؟ وحضر سفيان الثوري مجلسًا، فلما أراد النهوض منعوه، فحلف أن (٥) يعود، ثم خرج وترك نَعْله كالناسي لها، فلما خرج عاد وأخذها وانصرف، وقد كان لشُرَيح في هذا الباب فقه دقيق كما أعجب رجلًا فرسُه وأراد أخذها منه، فقال له شريح: إنها إذا ربضت (٦) لم تقم حتى تقام، فقال الرجل: أف أف (٧)، إنما أراد شريح أن اللَّه هو الذي يُقيمها، وباع من رجل ناقة، فقال له المشتري: كم تحمل؟ فقال: احمل على الحائط ما شئت، فقال: كم تَحْلِب؟ قال: احلب في أي إناء شئت، فقال: كيف سيْرُها؟ قال: الريح لا تُلْحَقُ، فلما قبضها المشتري لم يجد شيئًا من ذلك، فجاء إليه وقال: ما وجدتُ شيئًا من ذلك، فقال: ما كذَبتك.

[[أدلة أخرى لأصحاب الحيل]]

قالوا: ومن المعلوم أن الشارع جعل العُقُود وسائلَ وطرقًا إلى إسقاط الحدود والمأثم، ولهذا لو وطئ الإنسان امرأة أجنبية من غير عقد ولا شُبهة لزمه الحد، فإذا عقد عليها عقد النكاح ثم وطئها لم يلزمه الحد، وكان العقد حيلة على إسقاط الحد، بل قد جعل اللَّه سبحانه الأكل والشرب واللباس حيلة على دفع أذى الجوع والعطش والبرد، والاكتفاء حيلة إلى (٨) دفع [أذى] (٩) الصائل من


(١) في (ك) و (ق): "طعام رجل".
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٤) أورده ابن الجوزي في "الأذكياء" (١٤٤)، وفيها: فوضع مهنا بن يحيى إصبعيه في راحته، وقال: ليس المروزي هاهنا، فضحك أحمد، ولم ينكر عليه.
(٥) في (ك): "أنه".
(٦) في المطبوع: "أربضت".
(٧) رواه الخصاف في "الحيل" (ص ٢) وهو في "المخارج في الحيل" (ص ١٠) المنسوب لمحمد بن الحسن.
(٨) في (ن) و (ك): "على".
(٩) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).

<<  <  ج: ص:  >  >>