للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان على وجه المقابلة لا على وجه الظلم، كما قال تعالى: {وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا [وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ] (١)} [النمل: ٥٠]، وقال: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران: ٥٤] وقال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: ١٤٢] وأخبر تعالى أنه كادَ ليوسف في مقابلة كيد إخوته وقد تقدم ذلك.

[[حيلة في عدم سقوط نفقة القريب بمضي الزمان]]

المثال السابع (٢) والثلاثون: إذا تحيَّل المكَّار المخادع على سقوط نفقة القريب بالمماطلة وقال: إنها تسقط بمضي الزمان فلا يبقى دينًا عليّ، فتركها آمنًا من إلزامه بها لما مضى، فالحيلة للمنفَقِ عليه أن يرفعه إلى الحاكم ليفرضها عليه، ثم يستأذنه في الاستدانة عليه بقدرها، فإذا فعل ألزمه الحاكم بقضاء ما استدانه المنفَقُ عليه، فإن فرضها عليه ولم يستأذنه في الاستدانة ومَضَى الزمان فهل تستقر عليه بذلك؟ فيه وجهان لأصحاب الشافعي (٣)، والأكثرون منهم صرَّحُوا بسقوطها مطلقًا فرضت أو لم تفرض، ومنهم من قال: إن فرضت لم تسقط، فإن لم يمكنه الرفع إلى الحاكم فليقل له: اشفع لي إلى فلان لينفق (٤) عليّ أو يعطيني ما أحتاج [إليه] (١)، فإذا فعل فقد لزم الشافع؛ لأن ذلك حق أدَّاه إلى المشفوع عنده عن الشفيع بإذنه، فإن أنفق عليه الغيرُ بغير إذنه ناويًا للرجوع فله الرجوع في أصح المذهبين، وهو مذهب مالك (٥) وأحمد في إحدى الروايتين (٦)، وهكذا كل من أذى عن غيره واجبًا بغير إذنه [بشرط] (٧) أن يكون واجبًا على المنصوص من مذهب مالك وأحمد، فإن أحمد رحمه اللَّه نصَّ في رواية الجرجرائي (٨) على رجوع من عَمَّر قناة غيره بغير إذنه، وهو مذهب مالك، ولو أن القريب استدان


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) في (ك): "الخامس".
(٣) انظر: "المهذب" (١/ ٣٤٢)، "روضة الطالبين" (٤/ ٢٦٦)، "أسنى المطالب" (٢/ ٢٤٨)، "حلية العلماء" (٥/ ٦٢).
(٤) في (ك) و (ق): "ينفق".
(٥) "الإشراف" (٣/ ٦٢ مسألة ٩١٩) وتعليقي عليه، "جامع الأمهات" (٣٩١)، "التفريع" (٢/ ٢٨٥ - ٢٨٦)، "الكافي" (٢/ ٨٩٥).
(٦) "المغني" (٧/ ٩٠)، "الإنصاف" (٥/ ٢٠٤)، "كشاف القناع" (٣/ ٣٥٩).
(٧) بدل ما بين المعقوفتين في (ك): "بل لا يشترط".
(٨) كذا في (ك) وفي سائر النسخ: "الجوزجاني".

<<  <  ج: ص:  >  >>