للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذَكَر ميراثَ الواحدةِ وأنه النصفُ، فلم يكن بُدّ من [ذكر] (١) ميراث الأختين وأنه الثلثان؛ لئلا يُتوهَّم أن الأخرى إذا انضمت إليها أخذت نصفًا آخر، ودل تشريكُه بين البنات وإن كَثُرن [في الثلثين] (٢) على تشريكه بين الأخوات وإن كثرن [في ذلك] (٢) بطريق الأولى؛ فإن البناتِ أقربُ من الأخواتِ ويُسقطنَ فرضهن؛ فجاء بيانُه سبحانه في كُلِّ من الآيتين من أحسن البيان، فإنه لما بَيَّن ميراث الاثنتين (٣) بما تقرر بين ميراث ما زاد عليهما، وفي آية الإخوة والأخوات لمَّا بين ميراثَ الأخت والأختين لم يحتج أن يبين ميراث ما زاد عليهما؛ إذ قد عُلمَ بيانُ الزائد على الاثنتين في مَنْ هن (٤) أوْلى بالميراث من الأخوات، ثم بيَّن حُكمَ اجتماع ذكورهم وإناثهم، فاستوعب بيانُه جميعَ الأقسام.

[فصل]

المسألة الخامسة: ميراث بنت الابن السدس مع البنت، وسقوطها إذا استكمل البناتُ الثلثين (٥)، ودلالة القرآن على هذا أخفى من سائر ما تقدم، وبيانها أنه تعالى (٦) قال: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النساء: ١١] وقد عُلم أن الخطاب يتناول ولد البنين، دون ولد البنات، وأن قوله: {أَوْلَادِكُمْ} يتناول مَنْ ينتسب إلى الميت وهم ولدُه وولدُ بنيه، وأنه يتناولُهم على الترتيب، فيدخل فيه ولدُ البنين عند عدم ولد الصُّلبِ؛ فإذا لم يكن إلا بنتٌ فلها النصف، وبقي من نصيبِ البناتِ السدسُ، فإذا كان ابنُ ابنٍ (٧) أَخذَ الباقي كله بالتعصيب للنص، فإن كان معه أخَواته شاركْنَه في الاستحقاق لأنهن معه عصبة، وهذ أحد ما يدل على [أن] (١) قوله: "فلأولى رجلٍ ذكر" (٨) لا يمنع أن تأخُذ الأنثى إذا كانت عصبية (٩) بغيرها؛ ولهذا أخذت الأختُ مع البنت الباقيَ بالتعصيب، لأنها عصبية (٩) بها، وإن لم يكن مع البنت إلا بناتُ ابنٍ فقد كنَّ بصَدَد أخذ الثلثين لولا البنتُ، فإذا أخذت النصف فالسدس الباقي لا مانع لهن من أخذه فيفُزنَ به؛ ألا ترى أنه إذا استكمل البنات الثلثين لم يكن لهن


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ن).
(٣) في المطبوع و (ق): "الابنتين".
(٤) في (ق): "هو".
(٥) انظر المسألة في "الإشراف" (٥/ ٢٠٤ رقم ١٩٥٥ - بتحقيقي) للقاضي عبد الوهاب.
(٦) في (ق): "وبيانه أنه سبحانه".
(٧) في (ق): "فإذا كان بنت وابن ابن".
(٨) الحديث في "صحيح مسلم"، وقد سبق مرارًا.
(٩) في المطبوع و (ن) و (ك) و (ق): "عصبة".

<<  <  ج: ص:  >  >>