للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في السفر] (١) مُنَبِّهًا بذلك على نظيره، وما هو أولى منه؛ كقبول شهادة النِّساء منفردات في الأعراس والحمَّامات والمواضع التي تنفرد النساء بالحضور فيها، ولا ريب أنَّ قبول شهادتهن هنا أولى من قبول شهادة الكفار على الوصية في السفر (٢)، وكذلك عمل الصحابة وفقهاء المدينة بشهادة الصِّبيان على تَجارُحِ بعضهم بعضًا (٣)، فإن الرجال لا يحضرون معهم في لعبهم، ولو لم تقبل شهادتهم وشهادة النساء منفرداتٍ لضاعت الحقوق وتعطَّلت وأُهملت مع غلبة الظن أو القطع بصدقهم، ولا سيما إذا جاءوا مجتمعين قبل تفرقهم ورجوعهم إلى بيوتهم وتواطئوا على خبر واحد، وفُرِّقُوا وقت الأداء واتفقت كلمتهم، فإنَّ الظن الحاصل حينئذٍ من شهادتهم أقوى بكثير من الظن الحاصل [من شهادة] (٤) رجلين، وهذا مما لا يمكن دفعُه وجَحْدُه، فلا يُظَنّ (٥) بالشريعة الكاملة الفاضلة المتضمنة (٦) لمصالح العباد في المعاش والمَعَاد أنها تُهْمِلُ مثل هذا الحق وتضيّعه، مع ظهور أدلته وقوتها، وتقبله مع الدليل الذي هو دون ذلك.

[[حكم شهادة العبد]]

وقد روى أبو داود في "سننه" في قضية (٧) اليهوديين اللّذين زَنَيا، فلما شهد أربعةٌ من اليهود عليهما أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-[برَجْمهما] (٨)،. . . .


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ن).
(٢) انظر: "مجموع فتاوى ابن تيمية" (١٥/ ٢٩٧).
(٣) انظر في قبول شهادة الصبيان على تجارح بعضهم بعضًا: "الموطأ" (٢/ ٧٢٦) (كتاب الأقضية: باب القضاء في شهادة الصبيان)، و"الاستذكار" (٢٢/ ٧٧ - ٧٩)، و"المدونة" (٤/ ٨٠)، و"تفسير القرطبي" (٣/ ٣٩١ - ٣٩٢، ٣٩٥)، و"تبصرة الحكام" (١/ ٢١٦ و ٢/ ٧)، و"المحلى" (٩/ ٤٢٠)، و"الإنصاف" (١٢/ ٣٧)، و"الأم" (٧/ ٨٨) وقد وردت آثار عديدة تدلل على الجواز، انظرها وتخريجها في تعليقي على "الإشراف" (٥/ ٤٢ - ٤٣ مسألة ١٨٠٧) للقاضي عبد الوهاب، و"الطرق الحكمية" (ص ١٧٠ - الطريق الخامس عشر).
(٤) في (ق): "بشهادة".
(٥) في المطبوع: "فلا نظن".
(٦) في المطبوع و (ق) و (ك): "المنتظمة".
(٧) في (ق) و (ن): "في قصة".
(٨) أخرجه أبو داود (٤٤٥٢) في (الحدود): باب في رجم اليهوديين، والبزار (١٥٥٨ - "كشف الأستار")، والدارقطني (٤/ ١٦٩ - ١٧٠) من طريق مجالد عن الشعبي عن جابر فذكره.
قال الدارقطني: "تفرد به مجالد عن الشعبي، وليس بالقوي" أما الهيثمي فقد ذكره في =

<<  <  ج: ص:  >  >>