للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: هذا في مسائل النزاع وموارد الاجتهاد، فمن الناس منْ يوجب ذلك، ومنهم من يوجب في كل بلد صاعًا من قوتهم، ونظير هذا تعيينه -صلى اللَّه عليه وسلم- الأصناف الخمسة في زكاة الفطر (١) وأن كل [أهل] (٢) بلد يُخرجون من قوتِهم مقدار الصاع (٣)، وهذا أرجح وأقرب إلى قواعد الشرع، [وإلا] (٤) فكيف يُكلّفُ مَنْ قوتُهم السمك مثلًا أو الأرز الدّخن (٥) إلى التمر، وليس هذا بأول تخصيص قام الدليل عليه، وباللَّه التوفيق.

فصل [أمر الذي صلى فذًا بالإعادة]

ومن ذلك ظنُّ بعض الناس (٦) أن أمره -صلى اللَّه عليه وسلم- لمن صلّى فذًّا خَلْف الصَّف بالإعادة على خلاف القياس (٧)؛ فإن الإمام والمرأة فذّان وصلاتهما صحيحة.

وهذا من أفسد القياس وأبطله؛ فإن الإمام يُسن في حقه التقدم، وأن يكون وحده، والمأمومون يُسن في حقهم الاصطفاف، فقياس أحدهما على الآخر من أفسد القياس، والفرقُ بينهما أن الإمام إنما جُعل ليُؤْتَمّ به وتُشاهد أفعالُه وانتقالاته، فإذا كان قُدَّامهم حصل مقصود الإمامة، وإذا كان في الصف لم يشاهده إلّا مَنْ يليه، ولهذا جاءت السنة بالتقدم (٨)، [ولو كانوا


(١) بعدها في (ق) بياض يسع كلمتين.
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع و (ق) و (ك).
(٣) رواه البخاري (١٥٠٦) في (الزكاة): باب صدقة الفطر صاعًا من طعام، و (١٥٠٨) باب: صاع من زبيب، و (١٥١٠) باب الصدقة قبل العيد، ومسلم (٩٨٥) (١٨) في (الزكاة): باب زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير، من حديث أبي سعيد الخدري.
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٥) في (ق): "والدخن".
(٦) في المطبوع: "ظن بعضهم" وفي هامش (ق): "حكم صلاة الفذ".
(٧) وذلك بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "استقبل صلاتك، فإنه لا صلاة لمنفرد خلف الصف"، ومضى تخريجه، ووجه القول بأنه خلاف القياس أن الاصطفاف ليس ركنًا للصلاة، ولا شرطًا لها حتى يلزم من فقدانه إعادتها، فلو حكم عليها بمثل ما حكم على نظائرها من صلاة الإمام أمام المصلين وحده، وصلاة المرأة خلف الرجال وحدها، لاقتضى القياس عدم إعادتها على خلاف القياس، انظر مع رده على نحو ما عند المصنف في "مجموع فتاوى ابن تيميه" (٢٠/ ٥٥٨ - ٥٥٩).
(٨) في هذا أحاديث منها: حديث أنس: قال فصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا، =

<<  <  ج: ص:  >  >>