للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي أحَلَّه (١) اللَّه به من الدين أن هذه الكراهة منه على وجه التحريم، وأطلق لفظ الكراهة؛ لأن الحرام يكرهه اللَّه ورسوله (٢)؛ وقد قال تعالى عقب (٣) ذكر ما حرمه من المحرمات من عند قوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} إلى قوله: [{فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا} إلى قوله:] (٤) {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ} إلى قوله: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} إلى قوله: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} إلى قوله: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ} (٥) [إلى قوله: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} إلى آخر الآيات؛ ثم قال]: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [الإسراء:٢٣ - ٣٨]، وفي "الصحيح": "إن اللَّه [عز وجل] (٤) كَرِهَ لكم: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال" (٦).

[[استعمال السلف والخلف للفظ الكراهة]]

والسَّلَفُ (٧) كانوا يستعملون الكراهَةَ في معناها الذي استعملت فيه في كلام اللَّه ورسوله، ولكِنِ المتأخرون اصطلحوا على تخصيص الكراهة بما ليس بمحرم، وتركُهُ أرْجَحُ من فعله، ثم حمل من حمل [منهم] (٨) كلام الأئمة على الاصطلاح الحادث، فغَلِطَ في ذلك، وأقْبَحُ غَلطًا منه مَنْ حمل لفظ الكراهة أو لفظ "لا ينبغي" في كلام اللَّه ورسوله على المعنى الاصطلاحي الحادث.


= فجاءت بابنة من فجور، ثم كبرت الابنة، هل يجوز أن يتزوج بها؟ قال: معاذ اللَّه! يتزوج ابنته!! هذا قول سوء. . . " اهـ.
وقال الخرقي في "مختصره" (٧/ ٩٠/ ٥٣٥٥ مع "المغني"): "ووطء الحرام محرم؛ كما يحرم وطء الحلال والشبهة"، وانظر: "المغني" (٧/ ٩١/ ٥٣٥٨).
وانظر "القواعد الفقهية" لابن رجب (آخر القاعدة الثانية والخمسون بعد المئة (٣/ ١١٤ - بتحقيقي)، و"الإشراف" للقاضي عبد الوهاب (٣/ ٣٢٥ رقم ١١٦٢) وتعليقي عليه و"مثارات الغلط في الأدلة" (ص ٢٩ - ٣٠) للشريف التلمساني.
(١) في المطبوع: "أَجَلَّه" بالجيم.
(٢) انظر: "زاد المعاد" (٤/ ١٧٣ - ١٧٤).
(٣) في (ق): "عقيب".
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٥) بدل ما بين المعقوفتين في (ق): "إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده إلى قوله".
(٦) رواه البخاري (١٤٧٧) في (الزكاة): باب قول اللَّه تعالى: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا}، و (٢٤٠٨) في (الاستقراض): باب ما ينهى عنه من إضاعة المال، و (٥٩٧٥) في (الأدب): باب عقوق الوالدين من الكبائر، ومسلم (٣/ ١٣٤١) (٥٩٣) في (الأقضية): باب النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة، من حديث المغيرة بن شعبة.
(٧) في (ق): "فالسلف".
(٨) ما بين المعقوفتين سقط من (ن).

<<  <  ج: ص:  >  >>