للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل [إزالة النجاسة على وفق القياس]]

وأما إزالة النجاسة فمن قال: "إنها على خلاف القياس" (١) فقوله مِنْ أبطل الأقوال وأفسدها (٢)، وشبهته أن الماء إذا لاقى نجاسة تنخس بها، ثم [لاقى] (٣) الثاني والثالث كذلك، وهلمَّ جرًا، والنجس لا يزيل نجاسة، وهذا غلط، فإنه يقال: فلم (٤) قلتم: إن القياس يقتضي أن الماء إذا لاقى نجاسةً نَجُسَ؟ فإن قلتم: الحكم في بعض الصور كذلك، قيل: هذا ممنوع عند من يقول: [إن] (٣) الماء لا يَنْجُس إلا بالتغير.

فإن قيل: فيقاس ما لم يتغيّر على ما تغيّر.

قيل: هذا من أبطل القياس حسًا وشرعًا، وليس جَعْلُ الإزالة مخالفةً للقياس بأولى من جعل تنجيس الماء مخالفًا للقياس، بل يقال: إن القياس يقتضي أن الماء إذا [لاقى نجاسة لا ينجس، كما أنه إذا] (٥) لاقاها حال الإزالة لا ينجس؛ فهذا القياسُ أصحُّ من ذلك القياس؛ لأن النجاسة تزول بالماء حسًا وشرعًا، وذلك معلوم بالضرورة من الدين [بالنص والإجماع] (٥)؛ وأما تنجيسُ الماء بالملاقاة فموردُ نزاعٍ، فكيف يُجعل مَوردُ النزاعِ حجةً على مواقع الإجماع (٦)؟ والقياسُ يقتضي رد موارد النزاع إلى مواقع الإجماع، وأيضًا فالذي تقتضيه العقولُ أن الماء إذا لم تغيره النجاسة لا ينجس، فإنه باق على [أصل] (٥) خلقته، فهو (٧) طيب، فيدخل في قوله: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ} (٨) [الأعراف: ١٥٧]. وهذا هو القياس في المائعات جميعها إذا وقع فيها نجاسة فاستحالت بحيث لم يظهر لها لونٌ ولا طعمٌ ولا ريحٌ.


(١) ذهب جمع من الحنفية إلى هذا، انظر: "البناية" (١/ ٧١١)، "بدائع الصنائع" (١/ ٨٣).
(٢) انظر: "مجموع فتاوى ابن تيمية" (٢٠/ ٥١٥ - ٥١٦).
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٤) في (ق): "لم".
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك)، وانظر حول الإجماع على أن الماء يزيل النجاسة: "تفسير القرطبي" (١٣/ ١٤) "المجموع" (١/ ٨١)، "مجموع فتاوى ابن تيمية" (٢٠/ ٥١٦).
(٦) في (ق): "القياس" وصحح في الهامش ما أثبتناه هنا.
(٧) في. (د): "وهو".
(٨) بعدها في (د): {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>