للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توجب ثقلًا وكسلًا والغسل يحدث له نشاطًا وخفة، ولهذا قال أبو ذر لما اغتسل من الجنابة: كأنما ألقيت عني جبلًا (١)، وبالجملة فهذا أمرٌ يُدركه كلُّ [ذي] حس سليم وفطرة صحيحة، ويعلمُ أنَّ الاغتسال من الجنابة يجري مجرى المصالح التي تلحق بالضروريات للبدن والقلب مع ما تحدثه الجنابة من بُعْدِ القلب والروح عن الأرواح الطيبة، فإذا اغتسل زال ذلك البُعدُ، ولهذا قال غير واحد من الصحابة: إن العبد إذا نام عَرَجت روحُه، فإن كان طاهرًا أذن لها بالسجود، وإن كان جُنُبًا لم يُؤذن لها (٢)، ولهذا أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الجنب إذا نام أن يتوضأ (٣).

وقد صرَّح أفاضلُ الأطباء بأن الاغتسال بعد الجماع يُعيدُ إلى البدن قوَّتَه، ويخلف عليه ما تحلَّل منه، وإنه من أنفع شيءٍ للبدن والروح، وتركه مضر، ويكفي شهادة العقل والفطرة بحسنه، وباللَّه التوفيق.

على أن الشارع لو شرع الاغتسال من البول لكان في ذلك أعظم حَرجٍ ومشقة على الأمة تمنعه حكمةُ اللَّه ورحمتُه وإحسانُه إلى خلقه.

[فصل [الفرق بين الصبي والصبية]]

وأما غسل الثوب من بول الصبية ونضْحه من بول الصبي إذا لم يَطْعَما فهذا للفقهاء فيه ثلاثة أقوال:

أحدها: أنهما يُغسلان جميعًا.

والثاني: يُنْضحان.


(١) هو جزء من حديث أبي ذر في الاغتسال من الجنابة تقدم مطولًا مفصلًا فيما مضى.
ووقع في المطبوع: "حملًا" بدل "جبلًا"، وما بين المعقوفتين بعدها سقط من (ك) , واستدركه (ق) في الهامش.
(٢) انظرها مفصلة في كتاب "الروح" (ص ٤٣٧ - ط دار ابن كثير) للمصنف.
(٣) رواه البخاري في "صحيحه" (٢٨٧) في (الغسل): باب نوم الجُنب، و (٢٨٩) و (٢٩٠) في الجنب يتوضأ ثم ينام، ومسلم (٣٠٦) في الحيض: باب جواز نوم الجنب واستحباب الوضوء له، من حديث ابن عمر.
وفي صحيح مسلم (٣٠٦) (٢٤) قال: هل ينام أحدنا وهو جنب؟ قال: نعم ليتوضأ ثم لينم حتى يغتسل إذا شاء، وانظر: "التلخيص الحبير" (١/ ١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>