للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللغة، بل هو ثابت في نفس الأمر لا يختلف بتقدم لفظ (١) ولا تأخره، حتى لو قال: "أنتِ طالقٌ إن دخلت الدار" أو قال: "يبعثك اللَّه إذا متِّ" أو (٢) "تجب عليك الصلاة إذا دخل وقتها" ونحو ذلك فالشرط متقدم عقلًا وطبعًا وشرعًا وإن تأخر لفظًا.

وأما قولكم: "إن الأحكام تقبل النقل عن مواضعها فتتقدم وتتأخر" فتطويلٌ بلا تحصيل، وتهويل بلا تفصيل، فهل تقبل النقل عن ترتيبها على (٣) أسبابها وموجباتها بحيث يثبت الحكم بدون سببه ومقتضيه؟ نعم قد يتقدم ويتأخر وينتقل لقيام سبب آخر يقتضي ذلك فيكون مرتبًا على سببه الثاني بعد انتقاله كما كان مرتبًا على الأول قبل انتقاله، وفي كل من الموضعين هو مرتب (٤) على سببه هذا في حكمه وذاك في محله، وأما تنظيركم بنقل الأحكام وتقدمها على أسبابها بقوله: "أنت طالق قبل موتي بشهر" وقولكم: "إن نظيره في الحسيّات أن تقول: إن زُرتني أكرمتُك قبل زيارتك بشهر" فوهم أيضًا أو إيهام (٥)، فإن قوله: "أنت طالق قبل موتي بشهر" إنما تطلق إذا مضى شهر بعد هذه اليمين حتى يتبين وقوع الطلاق بعد إيقاعه، فلو مات قبل مضي شهر لم تطلق على الصحيح؛ لأنه يصير بمنزلة: أنت طالق عام الأول؛ وليس كذلك قوله: "إن زرتنى أكرمتُك قبله بشهر" (٦) فإن الطلاق حكم يمكن تقدير وقوعه قبل الموت، والإكرام فعل حسي (٧) لا يكون إكرامًا بالتقدير، وإنما يكون إكرامًا بالوقوع، وأما استشهادكم بقوله: "أعتق عبدك [عنّي] (٨) " فهو حجة عليكم؛ فإنه يستلزم تقدم الملك التقديري على العتق الذي هو أثره وموجَبُه، والملك شرطه، ولو جاز تأخر الشرط القدر الملك له بعد العتق، وهذا محالٌ، فعلم أن الأسباب والشروط يجب تقدمها، سواء كانت محققة أو مقدرة.

[عن القضية الشرطيّة]

وقولكم: "إن هذا التعليق يتضمن (٩) شرطًا ومشروطًا، والقضية الشرطية قد


(١) في (ق): "لفظه".
(٢) في (ك) و (ق): "و".
(٣) في (ق): "ترتبها عن" وفي الهامش: "لعله: على".
(٤) في (ق): "مترتب".
(٥) في (ك) و (ق): "وإيهام".
(٦) في (ق): "قبل زيارتك بشهر".
(٧) في (ق): "حتى".
(٨) ما بين المعقوفتين سقط من (ك) و (ق).
(٩) في (ق): "تضمن".

<<  <  ج: ص:  >  >>