للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقول بعدم الضمان قويٌّ متَّجه، وإن كنا لا نقبل قوله في دعوى التلف لأنه ليس بأمينِه، لكن إذا صدقه المالك في التلف بأمر لا يُنْسَب فيه إلى تفريط فعدم التضمين أقوى (١).

فالحيلة في سقوط الضمان أن يشترط نفيه، فإن خاف أن لا يفي له بالشرط فله حيلة أخرى وهي أن يُشْهد عليه أنه متى ادعى عليه بسبب هذه العين ما يوجب الضمان فدعواك باطلة. فإن لم تسعد (٢) معه هذه الحيلة أو خاف من ورثته بعده الدعوى فله حيلة ثالثة، وهي أن يستأجر العين منه بأقل شيء للمدة التي يريد الانتفاع بها، أو يستأجرها منه بأجرة مثلها ويشهد عليه أنه قبض الأجرة أو أبرأه منها، فإن تلفت بعد ذلك لم يضمنها، وليست هذه الحيلة مما تحلل حرامًا [أو] تحرم حلالًا (٣).

[[حيلة في لزوم تأجيل قرض أو عارية]]

المثال الحادي والثلاثون: اختلف الناس في تأجيل القَرْض والعارية إذا أجَّلها؛ فقال الشافعي (٤) وأحمد (٥) في ظاهر مذهبه وأبو حنيفة (٦): لا يتأجَّل شيء من ذلك بالتأجيل، وله المطالبة به متى شاء، وقال مالك (٧): يتأجَّل بالتأجيل، فإن أطلق ولم يؤجّل ضرب له أجل مثله، وهذا هو الصحيح لأدلة كثيرة مذكورة في موضعها.

[[الحيلة في لزوم تأجيل القرض والعارية]]

وعلى هذا القول فالمستقرض والمستعير آمن من غَدْر المقرض غني عن


(١) انظر: بسط المسألة في "نظرية الضمان في الفقه الإسلامي" (ص ٥٣ - ٥٥)، "الإشراف" (٣/ ١٠٤ مسألة ٩٦٣) وتعليقي عليه.
(٢) في (د) و (ق) و (ك): "تصعد".
(٣) في (ق): "مما تحرم حلالًا ولا تحل حرامًا"، وبدل ما بين المعقوفتين في (ك): "ولا".
(٤) انظر: "أسنى المطالب" (٢/ ١٢٤)، و"نهاية المحتاج" (٤/ ١٨٤)، و"حاشية الشرقاوي" (٢/ ١٧).
(٥) انظر: "مجموع فتاوى ابن تيمية" (٢٠/ ٥١٢ و ٢٩/ ٤٧٢) و"نظرية العقد" لابن تيمية (ص ٢٣٥).
(٦) انظر: "أحكام القرآن" (١/ ٤٦٦، ٤٨٣) للجصاص، و"بدائع الصنائع" (٦/ ١١).
(٧) انظر: "الذخيرة" (٦/ ٢١٢) و"الإشراف" (مسألة ٩٦٥ - بتحقيقي).

<<  <  ج: ص:  >  >>