للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول: ما يَدَّعي فيه الرجلُ الإجماعَ فهو كذب، من ادعى الإجماع فهو كاذب، لعل الناس اختلفوا، ما يُدْرِيه، ولم يَنْتَه إليه؟ فليقل: لا نعلم (١) الناسَ اختلفوا، هذه دعوى بِشْر المِرِّيسيّ والأَصَم، ولكن (٢) يقول: لا نعلم (١) الناس اختلفوا، أو لم يبلغني ذلك، هذا لفظه (٣).

ونصوصُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أجَل عند الإمام أحمد -وسائِرِ أئمة الحديث- من أن يُقَدِّموا عليها ما توهِّمَ إجماعًا (٤) مضمونه عدم العلم بالمخالف، [ولو ساغ لتعطَّلت النصوصُ، وساغ لكل مَنْ لم يعلم مخالفًا في حكم مسألة أن يُقَدِّمَ جهله بالمخالف على النصوص] (٥)؛ فهذا هو الذي أنكره الإمام أحمد والشافعي من دَعْوى الإجماع، لا ما يظنه بعضُ الناس أنه استبعاد لوجوده.

[فصل [الأصل الثاني لأحمد: فتاوى الصحابة]]

الأصل الثاني من أصول (٦) فتاوى الإمام أحمد: ما أفتى به الصحابة، فإنه إذا وجد لبعضهم فتوى لا يُعْرَف له مخالف منهم فيها لم يَعْدُها إلى غيرها، ولم يَقُل: إن ذلك إجماع، بل من وَرَعه في العبارة يقول: لا أعلم شيئًا يَدْفَعه، أو نحو هذا، كما قال (٧) في رواية أبي طالب لا أعلم شيئًا يدفع قول ابن عباس وابن عمر وأحَدَ عشر (٨) من التابعين عطاء ومجاهد وأهل المدينة على قبول شهادة العبد (٩) وهكذا قال أنس بن مالك: لا أعلم أحدًا ردَّ شهادة العبد (١٠)، حكاه عنه الإمام أحمد (١١)، وإذا وجد


(١) في (ق): "يعلم".
(٢) في المطبوع: "ولكنه".
(٣) انظر: "مسائل عبد اللَّه" (ص: ٤٣٨ - ٤٣٩)، و"مختصر الصواعق المرسلة" (٢/ ٤٤٠).
(٤) في المطبوع و (ن): "يقدموا عليها توهم إجماع".
(٥) بدل ما بين المعقوفتين في (ن): "ولو ساغ لكل من لم يعلم مخالفًا في حكم مسألة أن يقدم جهله بالمخالف على النصوص، ولو ساغ هذا؛ لتعطلت النصوص".
(٦) في (ق): "فتاوي".
(٧) في (ق): "ونحو هذا الكلام قال. . . ".
(٨) في (ق): "وأحد وعشرين" وفي (ك): "واحدى وعشرين".
(٩) في المطبوع: "على تسري العبد".
(١٠) سيأتي تخريجه.
(١١) انظر في قبول شهادة العبد؛ والتدليل عليه مبسوطًا في "الطرف الحكمية" (ص ١٦٥) الطريق الرابع عشر، (ص ١٨١ - ١٨٧)، و"بدائع الفوائد" (١/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>