كتاب إعلام الموقعين عن رب العالمين - ت مشهور

[خطاب عمر إلى أبي موسى] - فصل [توبة المحارب] - ج: 3 - ص: 308

حاجة اللسان والشفتين إلى الغسل كحاجة بقية الأعضاء؛ فَمَنْ أنكسُ قلبًا وأفسدُ فطرةً وأبطلُ قياسًا ممن يقول: إن غسل باطن المقعدة أولى من غسل هذه الأعضاء وإن الشارع فَرَّق بين المتماثلين؟ هذا إلى ما في غسل هذه الأعضاء المقارن لنية التعبد للَّه من انشراحِ القلبِ وقوَّته، واتساع الصدر، وفَرحِ النفس، ونشاطِ الأعضاء؛ فتميزت عن سائر الأعضاء بما أوجب غسلها دون غيرها، وباللَّه التوفيق.

[فصل [توبة المحارب]]

وأما اعتبار توبة المحارب قبل القُدرة عليه دون غيره فيقال: أين في نصوص الشارع هذا التفريق؟ بل نصه على اعتبارِ توبة المحارب قبل القدرة عليه إما من باب التنبيه على اعتبار توبة غيره بطريقِ الأَوْلى؛ فإنه إذا دُفعت توبته عند حد حِرابه مع شدةِ ضررها وتعديه فلأن تَدفع التوبةُ [ما دون حد] (١) الحِراب بطريق الأولى والأحرى (٢)، وقد قال اللَّه تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨] وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "التَّائب من الذَنْبِ كمن لا ذنبَ له" (٣)

---

= مختصرًا: "إذا توضأ الرجل المسلم خرجت خطاياه من سمعه وبصره ويديه ورجليه فإن قعد قعد مغفورًا له".
ورواه هكذا مختصرًا: أحمد (٥/ ٢٥٢ و ٢٥٦ و ٢٦٤)، وأبو عبيد في "الطهور" (رقم ٢٠، ٢١، ٢٢)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (٨٠٧)، والطبري (٦/ ١٣٨). وكلها مدارها على شهر بن حوشب.
وقد وجدت أحمد (٥/ ٢٥٥) يرويه من طريق أبي غالب، عن أبي أمامة موقوفًا مختصرًا، وأبو غالب الراسبي هذا ليس أحسن حالًا من شهر!.
ورواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (١٥٢٨) مطولًا لكن ليس بهذه السياقة من حديث أبي أمامة أيضًا.
قال الهيثمي (١/ ٢٢٢): "ورجاله رجال الصحيح".
وتابع شهرًا: أبو الرصافة وأبو مسلم وأم هاشم؛ كما في "المسند" (٥/ ٢٥٤، ٢٩٠، ٢٦٣)، وعبد الرزاق (١٥٢)، فالحديث حسن.
(١) بدل ما بين المعقوفتين في (ن) بياض.
(٢) انظر: "مدارج السالكين" (١/ ٣٦٥) وسيأتي بحث التوبة في عدة مواضع.
(٣) رواه ابن ماجه (٤٢٥٠) في (الزهد): باب ذكر التوبة، والطبراني في "الكبير" (١٠٢٨١)، والدارقطني في "علله" (٥/ ٢٩٧) (٨٩٥)، وأبو نعيم في "الحلية" (٤/ ٢١٠)، والسهمي =