للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[رد حكم المُصرَّاة بالمتشابه من القياس]

المثال العشرون: رد المحكم الصحيح الصريح في مسألة المصرّاة (١) بالمتشابه من القياس، وزعمهم أن هذا الحديث يُخالف الأصول فلا يُقبل؛ فيقال: الأصولُ كتابُ اللَّه وسنةُ رسوله وإجماعُ أمّته والقياس الصحيح الموافق للكتاب والسنّة؛ فالحديثُ الصحيحُ أصلٌ بنفسه، فكيف يقال: الأصل يخالف نفسه؟ هذا من أبطل الباطل والأصول في الحقيقة اثنان لا ثالث لهما: كلامُ اللَّه، وكلامُ رسوله، وما عداهما فمردود إليهما؛ فالسنة أصل قائم بنفسه، والقياس فرع، فكيف يرد الأصل بالفرع؟ قال الإمام أحمد (٢): إنما القياس أن تقيس على أصل، فأما أن تجيء إلى الأصل فتهدمه ثم تقيس، فعلى أيِّ شيء تقيس؟

وقد تقدّم بيان موافقة حديث المُصرَّاة (١) للقياس، وإبطال قول من زعم أنه خلاف القياس، وأنه ليس في الشريعة حكم يخالف القياس الصحيح، وأمّا القياس الباطل فالشريعةُ كلّها مخالفةٌ له، فياللَّه العجب! كيف وافق الوضوء بالنبيذ (٣) المشتدّ للأصول حتى قُبل وخالف خبرُ المصراة للأصول حتى رُدَّ؟.


= أقول: وحبان هذا ثقة، وثقه أبو العرب الصقلي، وذكره ابن حبان في "الثقات".
أما السيوطي فقد ذكر الحديث في "جامعه الصغير"، ورمز لصحته فاستدرك عليه المناوي في "الفيض" (٥/ ٩)، وقال: وهو ذهول أو قصور فقد استدرك عليه الذهبي في "المهذب"، فقال: قلت: لم يصح مع انقطاعه.
أقول: وهثيم مدلس وقد عنعن.
وعبد الرحمن بن يحيى هذا قال عنه الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (٣٥٩): لم أعرفه.
أمّا محقق "سنن الدارقطني" فقال: هو عبد الرحمن بن يحيى الصدفي أخو معاوية ليَّنه أحمد!! وهي عبارة الذهبي في "الميزان" وهذا ما اعتمده الشيخ مقبل في "تراجم رجال الدارقطني"! لكن عبد الرحمن الصدفي يروي عن هثيم، وليس العكس، فليس هو إذن. وروى البيهقي في "سننه" (٦/ ١٧٨) الحديث أوّله، من طريق سعيد بن أبي أيوب عن بشير بن أبي سعيد عن عمر بن المنكدر مرفوعًا، وهذا مرسل أيضًا، وانظر كلام شيخنا الألباني في "السلسلة الضعيفة" (١/ ٣٦٢)، وتعليقي على "سنن الدارقطني" (رقم ٤٤٧٧).
(١) مضى تخريجه.
(٢) في رواية أحمد بن الحسين بن حسان كما في "العدة" (٤/ ١٣٣٦) لأبي يعلى.
(٣) مضى تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>