للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القبض (١)؛ لئلا يتخذ ذريعة إلى التأجيل الذي هو أصل باب الربا، فحماهم من قُربانه باشتراط التقابض في الحال، ثم أوجب عليهم فيه التماثُلَ، وأن لا يزيد أحد العَوَضين على الآخر إذا كانا من جنس واحد حتى لا يُباع مدُّ جيّد بمدين رديئين وإن كانا يساويانه (٢)، سدًا لذريعة ربا النّسَاء الذي هو حقيقة الربا، وأنه إذا منعهم من الزيادة مع الحلول حيث تكون الزيادة في مقابلة جَوْدَة أو صفة أو سكة أو نحوها (٣)، فمنعهم منها حيث لا مقابل لها إلا مجرد الأجل أولى.

[[حكمة تحريم ربا الفضل]]

فهذه هي حكمة تحريم ربا الفَضْل التي خفيت على كثير من الناس، حتى قال بعض المتأخرين: لا يتبين لي حكمة تحريم ربا الفضل، وقد ذكر الشارع هذه الحكمة بعينها؛ فإنه حرَّمه سدًا لذريعة ربا النساء، فقال في [حديث] (٤) تحريم ربا الفضل: "فإنّي أخاف عليكم الرَّمَاء (٥) والرَّمَاء [هو] (٦) الربا".

[[نوعا تحريم الربا]]

فتحريم الربا نوعان: نوع حُرِّم لما فيه من المفسدة وهو ربا النسيئة، ونوع حرم تحريم الوسائل وسدًا للذرائع؛ فظهرت حكمة الشارع الحكيم وكمال شريعته الباهرة في تحريم النوعين، ويلزم من لم يعتبر الذرائع ولم يأمر بسدها أن يجعل تحريم ربا الفضل تعبُّدًا محضًا لا يُعقل معناه كما صرَّح بذلك كثير منهم.


(١) يدل عليه حديث عمر بن الخطاب الذي رواه البخاري (٢١٣٤) في (البيوع): باب ما يذكر في بيع الطعام والحكرة، و (٢١٧٠) في باب بيع التمر بالتمر و (٢١٧٤) باب بيع الشعير بالشعير، ومسلم (١٩٨٦) في (المساقاة): باب الصرف، وغيره.
(٢) يدل عليه ما رواه البخاري (٢٢٠١)، و (٢٢٠٢)، و (٢٣٠٢)، و (٢٣٠٣)، و (٤٢٤٤)، و (٤٢٤٥)، و (٧٣٥٠)، و (٧٣٥١)، ومسلم (١٥٩٣) من حديث أبي سعيد، وأبي هريرة.
وما رواه البخاري (٢٣١٢)، ومسلم (١٥٩٤) من حديث أبي سعبد.
(٣) في (د)، و (ط): "أو نحوهما".
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ق).
(٥) في (و): "الرمّاء".
والمذكور قطعة من حديث عند أحمد (٢/ ١٠٩) عن أبي هريرة مرفوعًا، ومالك في "الموطأ": (كتاب البيوع): (٢/ ٦٣٤) عن عمر قوله: وإسناده صحيح، وسبق تخريجه مفصلًا.
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ك) و (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>