للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولى من اعتبار الألفاظ" (١) وذكر أن هذا هو العدل، وقال في ضرورته للمفتي والعالم في (٣/ ٤٩٧):

"واللَّه تعالى يحب الإنصاف، بل هو أفضلُ حِلْية تحلَّى بها الرجل، خصوصًا من نصب نفسه حَكَمًا بين الأقوال والمذاهب، وقد قال اللَّه تعالى لرسوله: {وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ} [الشورى: ١٥] فورثةُ الرسولِ منصبهم العدل بين الطوائف وألا يميل أحدُهم مع قريبه وذوي مذهبه وطائفته ومتبوعه، بل يكونُ الحقُّ مطلوبه يَسِيرُ بسيرِه وينزل بنزوله، ويدين بدين العدل والإنصاف ويحكّم الحجة، وما كان عليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه فهو العلم الذي قد شَمَّرَ إليه، ومطلبه الذي يحوم بطلبه عليه، لا يثني عنانه عنه عذل عاذل، ولا تأخذهُ فيه لومة لائم، ولا يصده عنه قول قائل".

وأكد ذلك بأحكام النائم والناسي والسكران والجاهل والمكره والمخطئ من شدة الفرح أو الغضب أو المرض ونحوهم، وبمنع بعض المباحات لما هو مقصود بالحرمة.

- المقاصد والاعتقادات معتبرة في التصرفات كما هي معتبرة في العبادات:

وأكد هذه القاعدة بقوله في (٣/ ٤٩٩): "وقاعدة الشريعة التي لا يجوز هدمُها أن المقاصد والاعتقادات معتبرة في التصرفات، كما هي معتبرة في التقربات والعبادات" وقال في (٣/ ٥٥٠): "ودلائل هذه القاعدة تفوت الحصر"، وأخذ يستدل ويفرع بمسائل كثرت الحاجة إليها في عصره، وجمد علماء الألفاظ على الموجود في بطون الكتب، فتعرض لـ (أنواع شروط الواقفين) وحكم كل نوع، ثم أخذ في ذكر مسائل فقهية مدللة، وتأصيل بعض الكليات التي لها تعلّق بهذه المسائل، مثل: (النية لها تأثير في العقود) (٢) و (إبطال كل شرط يخالف القرآن) (٣)، وعقد بعد ذلك مناظرة


(١) من بديع كلام الغزالي في "معيار العلم" (ص ١٧١): "الشرع كثير الالتفات إلى المعاني، قليل الالتفات إلى الصور والأسامي".
(٢) اتَّهم البوطي في "ضوابط المصلحة" (ص ٢٦٢ وما بعد) ابن القيم بالتناقض! وزعم أنه لا دليل على هذه القاعدة! وناقشه بقوة الدكتور حسين حامد في كتابه "نظرية المصلحة في الفقه الإسلامي" فانظر كلامه، فإنه مفيد.
(٣) في "المدخل المفصل" (١/ ٥٢): "ولابن القيم -رحمه اللَّه تعالى- في "إعلام الموقعين" بحث نفيس مطول في إبطال شروط الواقفين غير الشرعية، وأنها تصرف في الأقرب لمقصد الواقف من المصارف الشرعية".

<<  <  ج: ص:  >  >>