للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما حَرَم القاتلُ الميراثَ، وورَّث المطلقة في مرض الموت، وكذلك الفارُّ من الزكاة لا يسقطها عنه فِرَاره ولا يُعَان على قصده الباطل فيتم مقصوده ويسقط مقصود الرب تَعَالى، وكذلك عامة الحيل إنما يُساعدُ فيها المتحيَّل على بلوغ غرضه ويبطل غرض الشارع (١).

[[إبطال حيلة لإسقاط الكفارة]]

وكذلك المُجَامع في نهار رمضان إذا تغدَّى أو شرب الخمر أولًا ثم جامع، قالوا: لا تجب عليه الكفارة، وهذا ليس بصحيح؛ فإن إضمامه إلى إثم الجماع إثمَ الأكل والشرب لا يناسب التخفيف عنه، بل يناسب تغليظ الكفارة عليه، ولو كان هذا يسقط الكفارة لم تجب كفارة على واطئ اهتدى لجرعة ماء أو ابتلاع لُبَابة أو أكل زبيبة، فسبحان اللَّه! هل أوجب الشارع الكفارة لكون الوطء لم يتقدمه مُفطِر قبله أو للجناية على زمن الصوم الذي لم يجعله اللَّه محلًا للوطء؟ أفَترى بالأكل والشرب قبله صار الزمان محلًّا للوطء فانقلبت (٢) كراهة الشارع له محبة ومَنْعُه إذنًا؟ هذا من المحال، وأفسَدُ من هذا قولهم: إن الحيلة في إسقاط الكفارة أن ينوي قبل الجماع قَطْعَ الصوم، فإذا أتى بهذه النية فليجامع آمنًا من وجوب الكفارة، ولازم [على] (٣) هذا القولِ الباطل أنه لا تجب كفارة على مُجَامع أبدًا، وإبطال هذه الشريعة رأسًا؛ فإن المجامع لا بد أن يعزم على الجماع قبل فعله، وإذا عزم على الجماع فقد تضمنت نيتُه قطعَ الصوم فأفطر قبل الفعل بالنية الجازمة للإفطار فصادفه الجماع وهو مفطر بنيّة الإفطار السابقة على الفعل، فلم يفطر به، فلا تجب الكفارة (٤)، فتأمل كيف تتضمن الحيل المحرمة مناقضة الدين وإبطال الشرائع (٥)؟

[[إبطال حيلة لإسقاط وجوب قضاء الحج]]

وكذلك قالوا: لو أن مُحْرمًا خاف الفوت وخشي القضاء من قابل فالحيلة في


(١) انظر: "زاد المعاد" (١/ ١٤٧ - ١٤٨)، و"مفتاح دار السعادة" (ص ٣٢٩)، و"الوابل الصيب" (ص ٤٩ - ٦٠).
(٢) في (ك) و (ق): "وانقلبت".
(٣) ما بين المعقوفتين في (ق) فقط.
(٤) في (ك) و (ق): "كفارة".
(٥) انظر: "تهذيب السنن" (٣/ ٢٦٨ - ٢٧٣)، و"كتاب الصلاة" (ص ٦١ - ٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>