للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن الخِرقَ والقُطْنَ والصوف أولى منها بالجواز، وكذلك نصّه على التراب في الغسل من ولوغ الكلب (١) والأشنانُ أولى منه (٢)، هذا فيما علم مقصود الشارع منه، وحصولُ ذلك المقصود على أتم الوجوه بنظيره وما هو أولى منه.

[فصل [طواف الحائض بالبيت]]

المثال السادس: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- منع الحائض من الطواف بالبيت حتى تطهير، وقال: "اصْنَعِي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت" (٣) فظنَّ مَنْ ظن أن هذا حكم عام في جميع الأحوال والأزمان، ولم يفرِّق بين حال القدرة والعجز، ولا بين زمن إمكان الاحتباس (٤) لها حتى تطهير وتطوف وبين الزمن الذي لا يمكن فيه ذلك، وتمسك بظاهر النص، ورأى منافاة الحيض للطواف كمنافاته للصلاة والصيام؛ إذ نهى الحائض عن الجميع سواء، ومنافاة الحيض لعبادة الطواف كمنافاته لعبادة الصلاة، ونازعهم في ذلك فريقان:

أحدهما: صحح (٥) الطواف مع الحيض، ولم يجعلوا الحيض مانعًا من صحته، بل جعلوا الطهارة واجبة تُجبر بالدم ويصح الطواف بدونها كما يقوله أبو حنيفة وأصحابه وأحمد في إحدى الروايتين عنه وهي أنصهما (٦) عنه، وهؤلاء لم يجعلوا ارتباط الطهارة بالطواف كارتباطها بالصلاة ارتباط الشَّرط بالمشروط، بل جعلوها واجبة من واجباته، وارتباطها به كارتباط واجبات الحج به يصحُّ فعلُه مع الإخلال بها وبجبرها الدم.


(١) سبق تخريجه أيضًا.
(٢) انظر كلام ابن القيم -رحمه اللَّه- على إزالة نجاسة ولوغ الكلب بغير التراب في "بدائع الفوائد" (٤/ ٥٢).
(٣) رواه البخاري (٢٩٤) في (الحيض): باب كيف كان بدء الحيض؟، و (١٥١٦ و ١٥١٨) في (الحج): باب الحج على الرحل، و (١٦٥٠): باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف، و (١٧٨٧) في (العمرة): باب أجر العمرة على قدر النصب، و (٥٥٤٨) في (الأضاحي): باب الأضحية للمسافر والنساء، و (٥٥٥٩) باب من ذبح أضحية غيره، ومسلم (١٢١١) في (الحج): باب بيان وجوه الإحرام، من حديث عائشة، وفيه قصة.
(٤) في (ن) و (ق): "الأحباس".
(٥) في (ن) و (ك) و (ق): "صححوا".
(٦) انظر: "الفروع" (١/ ٢٦٠ و ٣/ ٥٠٢) و"شرح العمدة" لابن تيمية (١/ ٤٥٩ - الطهارة) وفي (و): "نصّهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>