للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجنسين، وربا الفَضْل في الجنس الواحد، وأن تحريم هذا تحريم المقاصد وتحريم الآخر تحريم الوسائل وسد الذرائع، ولهذا لم يُبَحْ شيءٌ من ربا النسيئة.

فصل (١) [حكمة إباحة العرايا ونحوها]

وأما ربا الفضل فأبيح منه ما تدعوا إليه الحاجة كالعرايا (٢)؛ فإن ما حُرِّم سدا للذريعة أخف مما حرم تحريم المقاصد. وعلى هذا فالمصوغ والحلية إن كانت صياغته (٣) محرمة كالآنية حرم بيعه بجنسه وغير جنسه، وبيع هذا هو الذي أنكره عبادة على معاوية (٤)؛ فإنه يتضمن مقابلة الصياغة المحرمة بالأثمان، وهذا لا يجوز كآلات الملاهي. وأما إن كانت الصياغة مباحة كخاتم الفضة وحِلية النِّساء وما أُبيح من حلية السلاح وغيرها، فالعاقل لا يبيع هذه بوزنها من جنسها


= الشعير بالشعير (٧/ ٢٧٧) وفي "الكبرى" (٤/ ٢٨ رقم ٦١٥٦)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٤/ ٦٦)، والشاشي في "مسنده" (١٢٤٤، ١٢٤٩)، والدارقطني (٣/ ١٨)، والبيهقي (٥/ ٢٧٧، ٢٨٢ - ٢٨٣، ٢٩١) من طريق همام عن قتادة عن أبي الخليل عن مسلم المكي عن أبي الأشعث الصنعاني عن عبادة مرفوعًا.
ورواه أبو داود (٣٣٥٠) من طريق أبي قلابة عن أبي الأشعث الصنعاني عن عبادة مرفوعًا. وهذا حديث إسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات.
وحديث عبادة في "صحيح مسلم" (١٥٨٧) (٨١) دون قوله: "تبرها وعينها".
(١) ما تحته في "تفسير آيات أشكلت" (٢/ ٦٨٠ وما بعد).
(٢) انظر في هذا الموافقات (٣/ ٢٠١ - ٢٠٢ - بتحقيقي) بنوع تصرف.
(٣) في (ق) و (ن): "صناعته"، وفي (ك): "وإن كانت صاغة".
(٤) روى مسلم (١٥٨٧) في (المساقاة): باب الصرف وبيع الذهب بالورق عن أبي قلابة قال: "كنت بالشام في حلقة فيها مسلم بن يسار، فجاء أبو الأشعث، قال: قالوا: أبو الأشعث، أبو الأشعث. فجلس فقلت له: حَدِّث أخانا حديث عبادة بن الصامت. قال: نعم. غزونا غزاة -وعلى الناس معاوية- فغنمنا غنائم كثيرة، فكان فيما غنمنا آنية من فضة، فأمر معاوية رجلًا أن يبيعها في أعطيات الناس، فتسارع الناس في ذلك، فبلغ عبادة بن الصامت فقام فقال: إني سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ينهى عن بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح إلا سواء بسواء، عينا بعين، فمن زاد، أو ازداد فقد أربى. فرد الناس ما أخذوا، فبلغ ذلك معاوية فقام خطيبًا فقال: ألا ما بال رجال يتحدثون عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أحاديث قد كنا نشهده ونصحبه فلم نسمعها منه. فقام عبادة بن الصامت فأعاد القصة. ثم قال: لنحدِّثن بما سمعنا من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وإن كره معاوية أو قال: وإن رَغِمَ -ما أبالي أن لا أصحبه في جنده ليلة سوداء".

<<  <  ج: ص:  >  >>