للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآن؟ وقول القائل: كنت عبدًا فأعتقني مولاي، هل يجعل بهذا الكلام رقيقًا؟ فإن طَرَدوا الحكم في هذا كله وطلَّقوا [على] (١) الزوج وكفَّروا المعترف بنعمة اللَّه عليه وأنه كان كافرًا فَهَدَاه اللَّه وأمروه أن يجدد إسلامه وجعلوا هذا قنًّا، قيل لهم: فاطردوا ذلك فيمن قال: كانت هذه الدار أو هذا البستان أو هذه الأرض أو هذه الدابة لفلان ثم اشتريتها منه، فأخرجوها من ملكه بهذا الكلام، وقولوا: قد أقر بها لفلان ثم ادعى [أنه] (٢) اشتراها فيُقبل إقراره ولا تقبل دعواه فمن جَرَتْ هذه الكلمة على لسانه وقال الواقعَ فأخرجوا ملكه من يده، وكذلك إذا قالت المرأة: كنت مزوجة بفلان ثم طلقني، اجعلوها بمجرد هذا الكلام زوجته، والكلام بآخره، فلا يجوز أن يؤخذ منه بعضه ويلغى بعضه، ويقال: قد لزمك (٣) حكم ذلك البعض، وليس علينا من بقية كلامك، فإن هذا يرفع حكم الاستثناء والتقييدات جميعها، وهذا لا يخفى فساده، ثم إن هذا على أصل مَنْ لا يقبل الجواب إلا على وَفق الدعوى يحول بين الرجل وبين التخلُّص من ظلم المدعي، ويلجئه إلى أن يقر له بما يتوصل به إلى الإضرار به وظلمه، أو إلى أن يكذب بيانه أنه إذا استدان منه ووفاه، فإن قال: "فليس له عليَّ شيء" لم يقبلوا منه؛ لأنه لم يُجِبْ على نفي الدعوى، وإن قال: "كنت استدنت منه ووفيته" لم تسمعوا منه آخر كلامه وسمعتم منه أوله، وإن قال: "لم أستدن منه" وكان (٤) كاذبًا فقد ألجأتموه إلى أن يظلم أو يكذب ولا بد، فالحيلة لمن بُلي بهذا القول أن يستعمل التورية، ويحلف ما استدان منه، وينوي أن تكون ما موصولة، فإذا قال: "واللَّه إني ما استدنت منه" أي إني الذي استدنت منه، وينفعه (٥) تأويله بالاتفاق إذا كان مظلومًا، كما لا ينفعه إذا كان ظالمًا بالاتفاق.

[[حيلة في تأجيل الدين على المعسر]]

المثال الرابع والثلاثون: إذا كان عليه دين فأعْسَرَ به فادَّعى عليه به، فإن أنكره كان كاذبًا، وإن أقر له به ألزمه إياه، وإن جحده أقام به البينة، فإن ادَّعى الإعسار بعد ذلك فإن المدعي قد ظهر للحاكم كذبه في جَحْده الحق فهكذا هو كاذب في دعوى الإعسار، فالحيلة في تخليصه أن يقول: لا يلزمني توفية ما يدعيه


(١) ما بين المعقوفتين من (ق).
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ك) و (ق).
(٣) في (ن) و (ق): "قد لزمكم".
(٤) في (ك) و (ق): "كان".
(٥) في (ك): "ونفعه".

<<  <  ج: ص:  >  >>