للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرضوان (١)، ولو كان اتباعهم تقليدًا محضًا كتقليد بعض المفتين لم يستحق من اتبعهم الرضوان إلا أن يكون عاميًا، فأما العلماء المجتهدون فلا يجوز لهم اتباعهم حينئذ (٢).

[[اعتراض]]

فإن قيل: اتباعهم هو أن يقول ما قالوا بالدليل فهو (٣) سلوك سبيل الاجتهاد؛ لأنهم إنما قالوا بالاجتهاد والدليل عليه قوله: {بِإِحْسَانٍ}، ومن قلَّدهم لم يتبعهم بإحسان لأنه لو كان مطلق الاتباع محمودًا لم يفرق بين الاتباع بإحسان أو بغير إحسان، وأيضًا فيجوز أن يراد به اتباعهم في أصول الدين (٤)، وقوله: {بِإِحْسَانٍ} أي بالتزام الفرائض واجتناب المحارم، ويكون المقصود أن السابقين [قد] (٥) وجب لهم الرضوان وإن أساءوا؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- "وما يدريك أن اللَّه قد اطَّلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" (٦).

وأيضًا فالثناء على من اتَّبعهم (٧) كلهم، وذلك اتباعهم فيما أجمعوا عليه، وأيضًا فالثناء على من اتبعهم لا يقتضي وجوبه، وإنما يدل على جواز تقليدهم،


(١) فالآية تدل على أن من اتبعهم استحق الرضوان والحمد، ولا يتوقف ذلك على وصف آخر كاتباع المجتهدين المقيد باتباع الدليل، فدل على أن اتباعهم اتباع للدليل. (س).
(٢) كلام ابن القيم رحمه اللَّه ظاهر الدلالة في أن من اتبع الصحابة مجتهدًا أو عاميًا استحق الرضوان، وهو فوق استحقاق الجنة، ولا يصح هذا على افتراض أن اتباعهم اتباع لغير دليل ولا سلطان؛ لأن فرض العالم اتباع الدليل، كما قال تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ}. . . ولو كان اتباعًا لغير دليل لكان موجبًا للعقوبة (س).
(٣) في المطبوع و (ك): "وهو".
(٤) في (ق) و (ك): "في أصل الدين"، وبعدها في (ق): "فقوله".
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٦) رواه البخاري (٣٠٠٧) في (الجهاد): باب الجاسوس، و (٣٠٨١) باب إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة والمؤمنات إذا عصين اللَّه وتجريدهن، و (٣٩٨٣) في (المغازي): باب فضل من شهد بدرًا، و (٤٢٧٤) باب غزوة الفتح، و (٤٨٩٠) في (التفسير): باب {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ}، و (٦٢٥٩) في (الاستئذان): باب من نظر في كتاب من يحذر على المسلمين ليستبين أمره و (٦٩٣٩) في استتابة المرتدين: باب ما جاء في المتأولين، ومسلم (٢٤٩٤) في (فضائل الصحابة): باب من فضائل أهل بدر، من حديث علي.
(٧) في (ق): "تبعهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>