للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الرّد على العلل]

فأما العلة الأولى فقال محمد بن عبد الواحد المقدسي (١): "مِشْرَح قد وثَّقه يحيى بن معين في رواية عثمان بن سعيد (٢)، وابن مَعِين أعلم بالرجال من ابن حبَّان" قلت: وهو صدوق عند الحفاظ، لم يتهمه أحد البتة، ولا أطلق عليه أحد من أهل الحديث قط أنه ضعيف، ولا ضعفه ابنُ حبَّان، وإنما قال (٣): يروي عن عقبة بن عامر مناكير لا يتابع عليها؛ فالصواب تَرْكُ ما انفرد به، وانفرد ابن حبان من بين أهل الحديث بهذا القول فيه.

وأما العلة الثانية؛ فعبد اللَّه بن صالح قد صرّح بأنه سمعه من الليث، وكونُه لم يخرجه وقت اجتماع البخاري به لا يضره شيئًا؛ وأما قوله: "إن حيوة يروي (٤) عن بكر بن عمرو (٥) عن مِشْرَح" فإنه يريد به أن حيوة (٦) من أقران الليث أو أكبر منه، وإنما روى عن بكر بن عمرو عن مِشْرَح، وهذا تعليل قوي، ويؤكده أن الليث قال: "قال مِشْرَح" ولم يقل: حدثنا، وليس بلازم؛ فإن الليث كان معاصرًا لِمشْرح وهو في بلده، وطلبُ اللَّيث العلمَ (٧) وجمعه لم يمنعه أن لا يسمع من مِشْرح حديثه عن عقبة بن عامر وهو معه في البلد.

وأما التعليل الثالث فقال شيخ الإسلام: "إنكار مَنْ أنكر هذا الحديث على عثمان (٨) غيرُ جيدٍ، وإنما هو لتوهم انفراده به عن الليث وظَنِّهم أنه لعله أخطأ فيه حيث لم يبلغهم عن غيره من أصحاب الليث، كما قد يتوهم بعضُ مَنْ يكتب الحديث أن الحديث إذا انفرد به عن الرجل مَنْ ليس بالمشهور مِنْ أصحابه كان


(١) في كتابه: "الكمال"، وهو غير مطبوع وطبع "تهذيب الكمال"، وترجمة مشرح فيه (٢٨/ ٧ رقم ٥٩٧٤).
(٢) انظر: "تاريخ عثمان بن سعيد" (رقم ٧٥٥) وقال عئمان عقب توثيق ابن معين: "ومشرح ليس بذاك، وهو صدوق".
(٣) في "المجروحين" (٣/ ٢٨)، وذكره في "الثقات" (٥/ ٤٥٢) وقال: "يخطئ ويخالف" وفي المطبوع: "يقال"!
(٤) في (ق) و (ك): "روى".
(٥) في (و): "عمر"، وبعدها في (ن) و (ك): "بن شريح المصري".
(٦) في (ق) و (ك): "أن حيوة بن شريح المصري".
(٧) في (و): "فطلب الليث العلم"، وفي (ن) و (ق): "وطلب الليث للعلم".
(٨) هو ابن صالح المصري يرويه عن الليث عن مشرح عن عقبة رفعه، ومضت روايته ورواية من تابعه (أبو صالح كاتب الليث).

<<  <  ج: ص:  >  >>