للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حديث الكلالة بين الصدِّيق والفاروق]

الوجه السادس والثلاثون: قولهم: إن عمر قال في الكَلالة: إني لأستحيي من اللَّه أن أُخالفَ أبا بكر (١).

[[لم يكن عمر يقلد أبا بكر]]

وهذا تقليد منه له، فجوابه من خمسة أوجه (٢):

أحدها: أنهم اختصروا الحديث وحذفوا منه ما يبطل استدلالهم [به] (٣)، ونحن نذكره بتمامه، قال شعبة عن عاصم الأحول عن الشعبي أن أبا بكر قال في الكلالة: "أقضي فيها برأيي، فإن يكن صوابًا فمن اللَّه، وإن يكن خطأ فمنِّي ومن الشيطان، واللَّه منه بريء، هو ما دون الولد والوالد" فقال عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-: "إني لأستحي من اللَّه أن أخالف أبا بكر" (١) فاستحيا عمر من مخالفة أبي بكر في اعترافه بجواز الخطأ عليه، وأنه ليس كلامه كله صوابًا مأمونًا عليه الخطأ، ويدل على ذلك أن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- أَقرَّ عند موته أنه لم يقْضِ في الكلالة بشيء، وقد اعترف أنه لم يفهمها (٤).

[[ما خالف فيه عمر أبا بكر]]

الوجه الثاني: أن خلاف عمر لأبي بكر أشهر من أن يُذكر كما خالفه في سبْي أهل الردة فسباهم أبو بكر وخالفه عمر وبلغ خلافه إلى ردِّهِنّ حرائر إلى


(١) مضى تخريجه.
(٢) قارن بـ"الإحكام" (٦/ ٦٥ - ٦٧) لابن حزم فإنه قد أورد الوجوه الخمسة.
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.
(٤) أخرج عبد الرزاق (١٠/ ٣٠٥، رقم ١٩١٩٤، ١٩١٩٥)، وسعيد بن منصور في "سننه" (رقم ٥٨٧ - ط الشيخ سعد حميد) عن عمرو عن طاوس قال: وذكر الكلالة، وأمر عمر حفصة بسؤال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عنها، وقول عمر في آخره: "اللهم من فهمها فإني لم أفهمها"، ورجاله ثقات، وطاوس لم يشهد هذه الحادثة. وللأثر طرق يصل بها إلى الحسن لغيره.
فأخرجه إسحاق في "مسنده" -كما في "المطالب العالية" (رقم ١٥٥١ - المسندة، ورقم ١٤٧٤ - ط الأعظمي) -ومن طريقه ابن جرير (٩/ ٤٣١ رقم ١٠٨٦٦) - وابن حزم في "الإحكام" (٦/ ١٢٨)، عن سعيد بن المسيب، وذكر قصة نحوها، وفي آخره الشاهد.
قال ابن حجر في "المطالب": "صحيح إن كان ابن المسيب سمعه من حفصة -رضي اللَّه عنها-".

<<  <  ج: ص:  >  >>