للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل [صدقة الفطر لا تتعين في أنواع]]

المثال الرابِع (١): أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فرض صدقة الفطر صاعًا من تمرٍ أو صاعًا من شعير أو صاعًا من زبيب أو صاعًا من أقِط (٢)، وهذه كانت غالب أقواتهم بالمدينة، فأما أهلُ بلدٍ أو محلة قوتُهم غيرُ ذلك فإنما عليهم صاع من قوتهم، كمن قوتهم الذرة أو الأرز أو التين أو غير ذلك من الحبوب، فإن كان قوتهم من غير الحبوب كاللبن واللحم والسمك أخرجوا فِطرَتَهم من قوتهم كائنًا ما كان، هذا قول جمهور العلماء، وهو الصواب الذي لا يقال بغيره؛ إذ المقصود سَدُّ خَلَّة المساكين يوم العيد، وموَاساتهم (٣) من جنس ما يقتاته أهلُ بلدهم، وعلى هذا فيجزِئُ إخراج الدقيق وإن لم يصح فيه الحديث (٤)، وأما إخراج الخبز والطعام فإنه وإن كان أنفع للمساكين لقلَّة المؤنة والكلفة فيه فقد يكون الحَبُّ أنفع لهم لطول بقائه وأنه يتأتى منه ما لا يتأتى من الخبز والطعام، ولا سيما إذا كثر الخبز والطعام عند المسكين (٥) فإنه يفسد ولا يمكنه حفظه، وقد يقال: لا اعتبار بهذا،


= (١١/ ٣٤٣)، "أثر الشبهات في درء الحدود" (٤٠٥ - ٤٠٧)، وانظر بعض شروط القطع في السرقة في "زاد المعاد" (٣/ ٢١١، ٢١٢) مهم.
(١) "ما زال يضرب أمثلة لتغير الفتوى بتغيُّر الأزمنة والأمكنة" (و).
(٢) رواه البخاري (١٥٠٦) في (الزكاة): باب صدقة الفطر صاعًا من طعام، و (١٥٠٨) باب صاع من زبيب، و (١٥١٠) باب زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير، ومسلم (٩٨٥) في (الزكاة): باب زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير، من حديث أبي سعيد الخدري.
وقال (و): "الأقط: مثلثة ومثل كتف ورجل، وهو لبن مجفف يابس مستحجر، يطبخ به" اهـ.
(٣) في (و): "مؤاساتهم".
(٤) يشير إلى ما رواه الحاكم (١/ ٤١١) والدارقطني (٢/ ١٥٠) -ومن طريقه البيهقي في "الخلافيات" (٢/ ق ٤٢٠/ أ) وابن الجوزي في "التحقيق" (٥/ ٢١٠ رقم ١١٩٦ - ط قلعجي) - من طريق سليمان بن أرقم عن الزهري عن قبيصة بن ذؤيب عن زيد بن ثابت قال: خطبنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "من كان عنده فليتصدق بنصف صاع من بر. . . أو صاع من دقيق" وإسناده ضعيف جدًا. قال الدارقطني: "لم يروه بهذا الإسناد، وهذه الألفاظ غير سليمان بن أرقم، وهو متروك الحديث" وانظر -غير مأمور-: "العلل" له (٩/ ١٠٩) و"تنقيح التحقيق" (٢/ ١٤٦٧) لابن عبد اللهادي و (٥/ ٢٠٩) للذهبي.
(٥) في (ن) و (ق): "إذا أكثر الطعام والخبر عند المساكين".

<<  <  ج: ص:  >  >>