للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَردُّ ما خالفها من القياس (١)، أمَّا أن نقعِّد قاعدة ونقول (٢): هذا هو الأصل ثم نرد السنة لأجل مخالفة تلك القاعدة فلعمرُ اللَّه لهدم ألف قاعدة لم يؤصِّلها اللَّه ورسوله أفرضُ علينا من رد حديث واحد! وهذه القاعدة معلومة البطلان من الدين؛ فإن أنكحة الكفار لم يتعرض لها النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كيف وقعت وهل صَادَفت الشروط المعتبرة في الإسلام فتصح أم لم تُصادفها فتبطل (٣)، وإنما اعتبر حالها وقت إسلام الزوج؛ فإن كان ممن يجوزُ له المقام مع امرأته أقرَّهما، ولو كان في الجاهلية قد وَقَع على غير شرطه من الوَلي والشهود وغير ذلك، وإن لم يكن الآن ممن يجوز له الاستمرار لم يقر عليه كما لو أسلم وتحته ذات رحم محرم أو أختان أو أكثر من أربع؛ فهذا هو الأصل الذي أصَّلته سنةُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وما خالفه فلا يُلتفت إليه، واللَّه الموفق.

[[التفريق بين الذي يسلم وبين امرأته]]

المثال الأربعون: رد السنة الصحيحة الصريحة المحكمة أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لم يكن يُفرِّق بين من أسلم وبين امرأته إذا لم تسلم معه، بل متى أسلم الآخر فالنكاح بحاله ما لم تتزوج" (٤)، هذه سنته المعلومة.

قال الشافعيُّ: أسلم أبو سُفيان بن حرب بمرّ الظَّهران (٥)، وهي دار خزاعة، وخزاعة مسلمون قبل الفتح في (٦) دار الإسلام، ورجع إلى مكة، وهند بنت عتبة


= والدارقطني (٣/ ٢٧٣) أو (رقم ٣٦٣٧ - بتحقيقي)، والطبراني في "الكبير" (١٨/ ٨٤٤)، والشافعي (٢/ ١٦)، والبيهقي (٧/ ١٨٤ - ١٨٥) من طرق عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي فروة عن أبي وهب الجيشاني عن أبي خراش الرعيني عن فيروز به.
وإسحاق هذا متروك، وأبو خراش مجهول كما في "التقريب".
(١) انظر: "زاد المعاد" (٤/ ٧).
(٢) في (ق): "أما أن يقعد قاعدة ويقول".
(٣) انظر في تقرير هذا بتأصيل وتفصيل: رسالة القاسمي "الاستئناس لتصحيح أنكحة الناس".
(٤) ستأتي أمثلة على هذا، وتخريجها هناك.
(٥) "أسفل مكة بعد مرحلة منها" (و).
قلت: وهي من توابع مكة، ومكة لم تكن في ذلك الوقت فتحت، فلم تصر مرّ الظهران دار إسلام بعد، فلم يختلف بها الدار، وإذا نزل العسكر بموضع لم تصر دار إسلام حتى تجري فيها أحكام المسلمين، ويكون بحيث لو أرادوا أن يقيموا فيه ويستوطنوا أمكنهم، ولم تكن مرّ الظهران بهذه الصفة، قاله ابن التركماني في "الجوهر النقي".
(٦) في المطبوع و (ن): "وفي"!!.

<<  <  ج: ص:  >  >>