للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يلزمني، أو الإجارة تلزمني، فإنه لا يكون بذلك مُوجِبًا لعقد البيع أو الإجارة، حتى يُضيفهما إلى محلهما، وكذلك لو قال: "الظهار يلزمني" لم يكن بذلك مُظاهرًا حتى يضيفه إلى محله [فهو كما لو قال: "العتق يلزمني"، ولم يضف فيه العتق إلى محله] (١)، وهذا بخلاف ما لو قال: "الصومُ يلزمني، أو الحج، أو الصدقة" فإن محله الذمة وقد أضافه إليها.

فإن قيل: وهاهنا محل الطلاق والعتاق الذمة.

[[محل الطلاق الزوجة]]

قيل: هذا غلط، بل محل الطلاق والعتاق نفس الزوجة والعبد، وإنما الذمة محل وجوب ذلك وهو التطليق والإعتاق، وحينئذٍ فيعود الالتزام إلى التطليق والإعتاق، وذلك لا يوجب الوقوع، والذي يوضح هذا أنه لو قال: "أنا منك طالق" لم تطلق بذلك لإضافة الطلاق إلى غير محله، وقيل: تطلق إذا (٢) نوى طلاقَهَا هي بذلك، تنزيلًا لهذا اللفظ منزلة الكنايات (٣)، فهذا كشف سر هذه المسألة، وممن ذكر هذه الأوجه الثلاثة أبو القاسم بن يونس في "شرح التنبيه" (٤)، وأكثر أَيْمان الطلاق بهذه الصيغة، فكيف يحل لمن يؤمن بأنه موقوف بين يديّ اللَّه ومسئول أن يُكَفِّرَ أو يجهِّل من يفتي بهذه المسألة (٥) ويسعى في قتله وحبسه ويلبِّس على الملوك والأمراء والعامة أن المسألة مسألة إجماع، ولم يخالف فيها أحد من المسلمين، وهذه أقوال أئمة المسلمين من الصحابة [والتابعين] (٦) ومَنْ بعدهم؟ وقد علم اللَّه ورسوله وملائكته وعباده أن هذه المسألة لم تُرَدَّ بغير الشكاوى إلى


(١) أثبت (د)، و (ط) ما بين المعقوفتين بعد قول المصنف السابق "إذا لم يضف فيه الطلاق إلى محله"، وكذا هو في (ك) و (ق).
(٢) في (و)، و (ح): "إذ".
(٣) في (ك): "الكناية".
(٤) لعله يريد "غنية الفقيه في شرح التنبيه" للإمام شرف الدين أبي العباس أحمد بن كمال الدين بن يونس الأربلي الموصلي (المتوفى سنة ٦٢٢ هـ)، وهو مخطوط بدار الكتب المصرية، تحت رقم (١٨٢ - فقه شافعي)، في مجلد واحد، وقد سقط منه باب الطهارة والصلاة، ويبدأ بباب الزكاة نقل ابن خلكان أنه شرع في تصنيفه بإربل، واستعار منا نسخة من "التنبيه" عليها حواش مفيدة بخط الشيخ رضي الدين سليمان بن المظفر الجيلي (٦٣١ هـ)، ونقل الحواشي كلها في "شرحه"، انظر: "الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، وأثره في الفقه" (١/ ١٤٢ - مضروبة على الآلة الكاتبة)، وهو أطروحة دكتوراه لأستاذنا محمد عقلة.
(٥) يشير في كلامه هذا إلى مسلك خصوم شيخ الإسلام ابن تيمية معه.
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>