للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بغير إذني"، ونحو ذلك مما يكون من فعلها "فأنت طالق"، وكلَّمت زيدًا أو خرجت من بيته تقصد أن يقع عليها (١) الطلاق لم تطلق، حكاه أبو الوليد ابن رشد في كتاب الطلاق من كتاب "المقدِّمات" له (٢)، وهذا القول هو الفقه بعينه، [و] (٣) لا سيما على أصول مالك وأحمد في مقابلة العبد بنقيض قصده كحرمان القاتل ميراثه من المقتول، وحرمان الموصى له وصية من قتله بعد الوصية، وتوريث امرأة من طلَّقها في مرض موته فرارًا من ميراثها وكما يقول (٤) مالك وأحمد في إحدى الروايتين عنهما وقبلهما عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- فيمن تزوج في العدة وهو يعلم: يُفرَّق بينهما (٥) ولا تحل له أبدًا ونظائر ذلك كثيرة؛ فمعاقبة المرأة هاهنا بنقيض قصدها هو محض الفقه والقياس (٦)، ولا ينتقض هذا على أشهب بمسألة المخيَّرة ومن جعل طلاقها بيده؛ لأنَّ الزوج قد ملكها ذلك وجعله بيدها بخلاف الحالف فإنه لم يقصد طلاقها بنفسه، ولا جعله بيدها باليمين، حتى لو قصد ذلك فقال: "إن أعطيتيني ألفًا فأنت طالق" أو "إن أبرأتيني (٧) من جميع حقوقك فأنت طالق" فأعطته أو أبرأته طلقت.

ولا ريب أن هذا الذي قاله (٨) أشهب أفقه من القول بوقوع الطلاق؛ فإنَّ الزوج [إنما] (٩) قصد حضها ومنعها ولم يقصد تفويضَ الطلاق إليها ولا خطر ذلك بقلبه، ولا قصدَ وقوع الطلاق عند المخالفة.

[[مكانة أشهب عند المالكية]]

ومكان أشهب من العلم والإمامة غير مجهول؛ فذكر أبو عمر بن عبد البر


(١) في (ك): "عليه".
(٢) انظرها: (٢/ ٣٦٣ - ٣٦٤ بهامش "المدونة"، و ١/ ٤٩٨ - ط دار الغرب)، وعلّله بقوله: "لأن الحالف بالطلاق أن لا يفعل فعلًا أو أن يفعله إنما هو مطلق، فإذا وجدت الصفة التي علق بها طلاق امرأته لزمه ذلك إلا ما روي عن أشهب في الحالف على امرأته بطلاقها أن لا تفعل فعلًا، فتفعله قاصدة لتحنيثه على أنه لا شيء عليه، وهو شذوذ، وإنما الخلاف فيمن قال لعبده: أنت حر إن فعلت كذا وكذا، ففعله"، وانظر: "عقد الجواهر الثمينة" (٢/ ٢٠٧).
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٤) في المطبوع و (ك): "وكما يقوله".
(٥) مضى تخريج ذلك.
(٦) في المطبوع: "القياس والفقه"، وفي (ك): "وهو محض. . . ".
(٧) في المطبوع: "إن أعطيتني. . . أو أبرأتني".
(٨) في المطبوع: "قال".
(٩) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>